الموقع الاخباري الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية
اختتمت في عاصمة جمهورية الصين الشعبية، بكين، أعمال الندوة الدولية "الخيال والواقع: الإدماج الديني ومكافحة التمييز في سياق مبادرة الحضارة العالمية"، والتي عقدت في معهد التاريخ الصيني التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، باستضافة الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وبتنظيم كلٍ من معهد دراسات الحدود، ومعهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا، ومعهد الأديان العالمية، ومعهد الفلسفة، بمشاركة 100 باحث وأكاديمي ورجال دين وإعلام من جمهورية الصين الشعبية، ومصر، وباكستان، وروسيا، وفرنسا، وكازاخستان، وبنغلاديش، والمملكة العربية السعودية، وتايلاند، وتركيا، وإندونيسيا، وفلسطين.
ومثل فلسطين في المؤتمر الإعلامي علي السنتريسي، مدير عام مكاتب حقوق الإنسان في المحافظات، ممثلًا عن دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي حفل الافتتاح، أشار الأمين العام للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية زهاو زيمين إلى أن تعزيز التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات والعمل معًا لبناء مجتمع ذو مستقبل مشترك للبشرية هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات المشتركة والتقدم نحو مستقبل أفضل، مؤكدًا أن الحوار الأكاديمي في مجال المعتقدات الدينية يلعب دورًا مهمًا في تعزيز التبادلات بين الحضارات المختلفة.
وأضاف زيمين أن الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية مستعدة للعمل مع الخبراء والعلماء من جميع أنحاء العالم لإجراء تبادلات وتعاون ثقافي ثنائي ومتعدد الأطراف بشكل أعمق، واستكشاف الإرث الثقافي والتنمية بشكل مشترك، وتقديم المزيد من الرؤى لتوضيح الطبيعة المتنوعة والمتساوية والشاملة للحضارات الإنسانية، مرحبًا بالمشاركة في أنشطة التبادل الأكاديمي المستقبلية التي تنظمها الأكاديمية.
من جانبه، حث الشيخ عباس شاومان، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف في مصر، على حل النزاعات من خلال الحوار لا الصراع، فيما أكد الشيخ الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمؤسسة الأزهر للبحوث الإسلامية في مصر، أن الحضارات تُبنى على الانفتاح والتسامح وليس على التحيز أو التمييز، داعيًا إلى احترام حقوق وتفرد كل فرد. أما كيرات بايتيباييف، المدير التنفيذي لجمعية الدراسات الدولية الأوراسية في كازاخستان، فحذر من تزايد سوء الفهم الثقافي في عالم متشظٍ، معتبرًا أن المنتدى جاء في الوقت المناسب لتعزيز التبادلات بين الحضارات.
وتناول المتحدثون في الندوة موضوعات محورية منها تجاوز الصراع الحضاري، والتعلم المتبادل بين الكونفوشيوسية والإسلام، ومساهمة الحضارة الإسلامية في الثقافة العالمية.
ونقل الإعلامي الفلسطيني علي السنتريسي، مدير عام مكاتب دائرة حقوق الإنسان في محافظات الوطن، تحيات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد سعيد التميمي، رئيس دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني، إلى المشاركين، شاكرًا المنظمين على الدعوة، ومتمنيًا للمؤتمر النجاح والخروج بتوصيات على مستوى الأحداث العالمية، وخاصة ما يجري في فلسطين والشرق الأوسط.
كما نقل السنتريسي خلال كلمته آلام ومعاناة الشعب الفلسطيني الذي يعيش في ظل عالم أحادي القطبية مزدوج المعايير، ودعا إلى إنفاذ الاعتراف بالدولة الفلسطينية كإطار محدد لقياس مدى التزام دول العالم بالقيم التي نص عليها القانون الإنساني الدولي، وألا تبقى مجرد نصوص بعيدة عن التطبيق، مشيدًا بموقف الصين الشعبية التي ساندت الثورة الفلسطينية منذ بداياتها، ودعمت حق الشعب الفلسطيني في جميع المحافل الدولية.
وقال السنتريسي:
"أحمل إليكم تحيات شعب فلسطين، ذلك الشعب الذي يحمل على كتفيه ذاكرة حضارية عميقة، ويعيش في ذات الوقت جراحًا يومية مفتوحة، تتفاقم تحت وطأة سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وفي ظل صمت دولي ورعاية أمريكية معلنة. إن هذا المؤتمر الهام، الذي يسعى إلى تفكيك أوهام الصراع بين الحضارات، وتعزيز قيم الشمول والتعددية الدينية، هو مهمة عاجلة في زمن يتراجع فيه الضمير الإنساني أمام حسابات القوة والهيمنة. وفي قلب هذا المشهد المعقد تقف فلسطين، كضحية رئيسية مزدوجة للاحتلال والتمييز الديني، إذ لم تُعامل قضيتنا يومًا كقضية حقوقية أو إنسانية تستحق العدالة، بل كملف "إشكالي" يُدار وفق مصالح التحالف الأميركي–الإسرائيلي، متجاهلين أن ما يجري في فلسطين هو نظام استعماري عنصري وتمييز ديني واضح."
وأشار السنتريسي إلى أن الشعب الفلسطيني ومنذ أكثر من سبعة عقود يعاني من الاحتلال والتهجير والتطهير العرقي، بينما يتوسع الاستيطان يوميًا على أنقاض القرى الفلسطينية، في خرق واضح للقانون الدولي. وأوضح أن التمييز الديني يمارس في القدس المحتلة داخل أقدس أماكن العبادة، فيما تحول قطاع غزة إلى ساحة إبادة علنية تنفذ بأسلحة أميركية وبتغطية دبلوماسية كاملة، مشيرًا إلى أن الحصار والعدوان المستمر منذ ما يقارب السنتين خلف عشرات الآلاف من الضحايا، بينهم آلاف الأطفال والنساء، مؤكدًا أن ما يجري ليس مجرد نزاع سياسي، بل استهداف وجودي لشعب بأكمله.
وأكد أن الشعب الفلسطيني يُعاقب لأنه عربي ومسلم ومسيحي ولأنه فلسطيني، مضيفًا: "وكما تتلاقى حضاراتنا اليوم في هذا المؤتمر، يمكن أن نرسم معًا طريقًا بديلاً، يقوم على الاعتراف المتبادل والمساواة بين الشعوب واحترام كرامة الإنسان فوق كل اعتبار. ومن فلسطين نمد يد الحوار، لا لنطلب الشفقة، بل لنبني شراكة جديدة، خالية من التمييز، قائمة على الحقيقة لا على الأوهام."
وتوجه السنتريسي بالشكر للقائمين على المؤتمر لإتاحة هذه الفرصة، وخص بالشكر سعادة سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة فلسطين السيد تسينغ جيشن وكادر السفارة الذين يعيشون في فلسطين ويلمسون معاناة الشعب الفلسطيني اليومية. كما جدد التقدير للقيادة الصينية على جهدها المتواصل لإحلال السلام ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، مطالبًا بالعمل من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإعلان الاعتراف الدولي بدولة فلسطين المستقلة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.