2025-06-29 الساعة: 23:03:33 (بتوقيت القدس الشريف)

بيان صادر عن دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية شعبنا لن يسمح بإعادة انتاج نكبة جديدة وسيفشل مشاريع التهجير والتوطين

الموقع الاخباري الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية

بيان صادر عن دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية

شعبنا لن يسمح بإعادة انتاج نكبة جديدة وسيفشل مشاريع التهجير والتوطين

ما يحدث اليوم في غزة والضفة الغربية والقدس هو محاولة مستميته من جانب "إسرائيل" لإعادة انتاج نكبة أو نكسة جديدة بحق الشعب الفلسطيني، يكون الهدف الأكبر لها هو تهجير شعبنا الفلسطيني الى خارج حدود فلسطين التاريخية، من اجل الوصول الى القضاء على القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية وحسم الصراع حسب وجهة نظر حكومة الحرب الإسرائيلية، وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مستقبل إدارة قطاع غزة والقول بانه لا وجود لاي سلطة فلسطينية في مستقبل القطاع، هي تأكيد لمخططاتهم وترجمة عملية لكل الوثائق التي نشرت مؤخرا وخصوصا الوثيقة الصادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية تحت عنوان ( خيارات التوجه السياسي للسكان المدنيين في قطاع غزة)، وهي ترجمة لخطة وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش والتي تضع الفلسطيني امام ثلاث خيارات، تتلخص اما بالموافقة على العيش بدولة يهودية او التهجير او القتل اذا ما أصر على المقاومة، وقوله العنصري واللاأخلاقي المباشر والصريح بان الهجرة الطوعية "لعرب غزة"(حسب تعبيره) الى دول العالم هو الحل الإنساني الصحيح.

هناك رغبة جامحة لدى حكومة الحرب الإسرائيلية لأحداث نكبة حقيقية على الأرض هدفها كي الوعي الفلسطيني وقتل أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية او تحقيق أي من الحقوق الفلسطينية في العودة  والاستقلال واستعادة الممتلكات، وما يحدث اليوم يستهدف كل التواجد الفلسطيني فوق ارض فلسطين، وبكل وضوح تبرز المقارنات ما بين بنية الخطاب والممارسات الصهيونية أبان النكبة وبنية الخطاب والممارسات الصهيونية اليوم، فالإجراءات على الأرض أبان النكبة من قبل العصابات الصهيونية (هاجاناه، إرجون، بيتار، شتيرن، بلماخ) وبحماية سلطات الانتداب البريطاني، هي ذاتها وتناظرها سلسلة الإجراءات التي تقوم بها عصابات المستوطنين اليوم(شبيبة التلال، مجموعات تدفيع الثمن) بحماية جيش الاحتلال اليوم، وما بين الموقف الدولي المتحيز في الماضي والحاضر، تبرز المقارنات كذلك عبر عديد المقولات من تدمير، وقتل ومجازر، تهجير، واحلال، وتهويد و دعاية وقلب للحقائق، وظهور اللجوء بشكله الجديد داخليا والمخيمات ومراكز الايواء الجديدة، وما يحدث هو صورة حقيقة لإنتاج نكبة جديدة بكل المقاييس والمعايير القديمة، وبشهادات موثقة من كل المؤسسات الأممية العاملة في فلسطين.

ان ما يجري اليوم في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس يؤكد المقولة بان "النكبة جريمة مستمرة" وان الشعب الفلسطيني لا زال يعاني على مدار 75 عاما من بطش الاحتلال وجرائمه وانتهاكاته بحق الشعب والأرض والمقدسات والممتلكات وحقوقه في العيش والحركة والعودة واستعادة الممتلكات وحقه في تقرير المصير،  وتمثل بما لا يدع مجالا للشك انتهاكات للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع الدولية و الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949، واتفاقية لاهاي المتعلقة بالتسوية السلمية للنزاعات الدولية واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، ولا بد من التأكيد على انه لا يوجد بند في ميثاق الأمم المتحدة إلا وجرى المساس به بشكل سافر من قبل دولة الاحتلال.

غزة اليوم تعيش ذروة هذه النكبة المستمرة واصعب صورها عبر تنفيذ مذابح كبرى بحقها، وتحويل أرضها لمجموعة من المقابر الجماعية وإزالة احياء بأكملها، وتغيير معالم الأرض، والتهجير القسري لأكثر من مليون ونصف باتجاه وسط وجنوب القطاع، في محاولة لتمرير عملية تهجير كجزء من سياسة التطهير العرقي، ودفع الناس نحو شمال صحراء سيناء، وتحويلهم للاجئين جدد خارج فلسطين، والضغط الوحشي عبر سلسلة المجازر التي أدت الى إبادة جماعية لمئات العائلات الفلسطينية وشطبهم من السجل المدني(وصل عدد الشهداء لأكثر من 11,500، إضافة الى أكثر من 23,490  جريحاً)، وقصف البيوت(40,000  وحدة سكنية تم تدميرها) المساجد والكنائس والمدارس ومراكز الايواء والمستشفيات واستهداف الطواقم الطبية والصحفيين والمعابر.

ما يحدث في غزة اليوم يعيد الى الاذهان  مشاهد نكبة عام 1948، وخصوصا السلسلة الطويلة من المذابح والمجازر وتدمير القرى ومسحها عن الخارطة، والتهجير القسري على يد العصابات الصهيونية في  دير ياسين واللد والطنطورة والدوايمة ويافا والرملة وبيت دراس وأبو شوشة وسعسع وصولا الى مجازر صبرا وشاتيلا وقانا، ومخيم جنين، ومجزرة المستشفى الأهلي المعمداني في غزّة(800 شهيد)، ومجزرة الحي اليافاوي في مخيم جباليا، ومجازر المغازي والنصيرات والبريج وبيت حانون ورفح وخانيونس وبني سهيلا، كل هذه الصور والفيديوهات المباشرة  التي تخرج من قطاع غزة والتي يقشعر لها الابدان وعملية هدم البيوت على رؤوس المدنيين من أطفال ونساء ومسنين وذوي إعاقة، تمثل نماذجا صارخة لهذه العقلية والتربية التي تقف خلف مرتكبيها والتي تبنى على الموت والقتل والاجتثاث والتزوير والتضليل ونفي الاخر، وممارسة العقاب الجماعي وما يتضمنه من تجويع الناس وقطع الكهرباء والمياه والوقود والاتصالات،  هذه العقيدة السياسية والأمنية الإسرائيلية هي نتاج تاريخ كامل من القتل والفاشية للصهيونية، والتي جعلت من ممارسة الإبادة الجماعية، وارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، جعلها ممارسات معتادة في السلوك الإسرائيلي الرسمي واليومي.

وما يحدث كذلك من إجراءات في الضفة الغربية والقدس يمثل استكمالاً لمخطط إعادة انتاج النكبة الجديدة، فقد جرى تحت جنح ظلام وستار الحرب في قطاع غزة، ممارسة اكبر عملية تهجير جماعي ضد التجمعات البدوية، إضافة للهجمات الوحشية اليومية ضد المخيمات والمدن والقرى في الضفة الغربية، وتدمير للبنى التحتية والاعتقالات والقتل والاعتداءات على الممتلكات والمزارع ومنع الفلاحين من الوصول الى أراضيهم من اجل قطف الزيتون، وتشديد الحواجز وتكثيفها ومنع حرية التنقل والتنكيل بالمواطنين على الحواجز والطرق الخارجية بين المدن، وتطورت الأمور عبر منشورات قام بتوزيعها المستوطنين تدعو الى ترحيل وتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والتهديد بنكبة جديدة.

هذه المحاولة لإعادة انتاج النكبة الجديدة تسعى بكل ما اوتيت من قوة الى تحقيق رزمة من الاهداف المعلنة وغير المعلنة، وتستهدف بالأساس الاجهاز والقضاء على القضية الفلسطينية برمتها عبر التهجير والاجتثاث وشطب قضية اللاجئين، ورسم خرائط  سياسية وديمغرافية جديدة، وصولاً الى ما صرح به رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو بتغير وجه الشرق الاوسط.

ان شعبنا الفلسطيني العظيم، وكما حافظ طوال 75 عاما من النكبة والتهجير على حضوره في المكان والزمان، وحافظ على هويته الوطنية وثقافته ووجوده فوق ارضه، وكما افشل كل مشاريع التصفية والتهميش والقفز عن حقوقه الوطنية ونضاله ضد الاحتلال بكل السبل التي يكفلها القانون الدولي والانساني، فان شعبنا اليوم لن يسمح بان تمر مخططات التهجير القسري او أي فكرة من افكار التوطين، وسيبقى شعبنا صامدا صابرا مرابطا فوق أرضه، محافظا على حقوقه وتاريخه في غزة الكرامة والضفة الغربية والقدس الشريف،  وفي هذا الاطار تؤكد دائرة شؤون اللاجئين على ما يلي:

  • الإبادة الجماعية وجرائم الحرب: ان ما يجري في قطاع غزة من قتل جماعي لا يمكن توصيفه الا تحت بند الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، بل هي أكبر عملية إبادة جماعية تمارس على الهواء مباشرة، والعالم اليوم على مفترق طرق فيما يخص القيم الإنسانية، ودعوة المجتمع الدولي لاتخاذ موقف واضح بشان هذه الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
  • حق الدفاع عن النفس: إسرائيل وتحت غطاء مزيف لفكرة "الدفاع عن النفس"، تسعى إلى تبرير الإبادة الجماعية في غزة والتطهير العرقي اليومي في كل الأرض الفلسطينية، وتحت هذا التبرير الزائف تمارس مجددا ما حدث لشعبنا في نكبته الأولى عام 1948، ونكسة 1967، ولكن هذه المرة على نطاق أوسع حيث تنفذ فعلياً تطهيرًا عرقيًا جماعيًا لشعبنا الفلسطيني تحت ضباب الحرب"، وعليه فليس من حق المجتمع الدولي مطالبة الضحية الفلسطينية  بإدانة نفسها من جهة ، ومن جهة أخرى إعطاء ترخيص بقتل الفلسطينيين تحت حجج ومبررات الدفاع عن النفس، ان دعم الدول الغربية لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها هو الترخيص الذي تستخدمه دولة الاحتلال لممارسة هذا الإبادة  الجماعية وهذا التطهير العرقي، ويمثل غطاءً لكل جرائم الحرب التي تمارسها.
  • مشاريع التهجير والتوطين: الرفض المطلق لاي مشاريع او أفكار او اقتراحات للتهجير، واعتبارها مشاريع تسعى للإجهاز على القضية الفلسطينية برمتها، وخلق حالة لجوء فلسطينية جديدة سيكون لها تأثيرها الخطير على الإقليم والعالم، والتأكيد على ان الحل او المدخل الحقيقي يكمن في معالجة شاملة للقضية الفلسطينية من خلال الإقرار بالحقوق الفلسطينية وفقا للشرعية الدولية ومن خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة  وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين وفقا للقرار 194.
  • وقف اطلاق النار والعدوان: المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار والعدوان على قطاع غزة، وإتاحة المجال للطواقم الطبية والدفاع المدني وطواقم الإنقاذ من انتشال المفقودين من تحت الأنقاض، وإتاحة المجال للمواطنين الفلسطينيين من العودة لبيوتهم واملاكهم ومصادر رزقهم.
  • الممرات الامنة: ضرورة فتح معبر رفح وممرات إنسانية عاجلة وآمنة تسمح بإدخال كل احتياجات قطاع غزة من الغذاء والماء والوقود، والدواء دون شروط أو قيود أو تحديد لعدد الشاحنات، وكذلك السماح بسفر المصابين/ات للعلاج في الخارج، ووصول طواقم طبية الى غزة للمساعدة في إنقاذ الجرحى، ورفض المفهوم الإسرائيلي للمرات الامنة التي من شانها دفع الناس ، وتحت تهديد القوة والتدمير والقتل ، الى ترك قطاع غزة نحو شمال سيناء والذي هو مخطط اصبح مكشوفا للقاصي والداني.
  • وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا : التأكيد على تفويض الاونروا وفقا للقرار 302، والتأكيد على مشارِكتها الفاعلة في إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة بشكل كامل، وعودة عملها ومقرها الرئيس في مدينة غزة، واجراء التنسيق اللازم والتعاون مع كافة الوكالات الأخرى مثل منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، واليونيسيف، وان تعمل هذه المنظمات الأممية على رفض الشروط التي تفرضها إسرائيل والتي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسراً من شمال غزة إلى جنوبها بشكل قاطع، والعمل على توفير مساكن ومأوي مناسبةً وامنة ً وملبيةً لاحتياجاتهم الإنسانية الأساسية.

            دائرة شؤون اللاجئين

         منظمة التحرير الفلسطينية