الموقع الاخباري الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية
بيان سياسي صادر عن جبهة التحرير العربية في الذكرى الثانية والسبعون للنكبة
أيها الرفاق، جماهير شعبنا المناضل
تمر الذكرى الثانية والسبعون لنكبة شعبنا الفلسطيني التي جاءت بهدف خدمة المصالح الغربية الرأسمالية والتي عبر عنها رئيس الوزراء البريطاني بالمرستون قبل المؤتمر الصهيوني الأول في ضرورة تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين وذلك لإقامة سد بشري إستعماري غريب يحول دون قيام دولة عربية مستقلة موحدة تضم المشرق العربي وأفريقيا العربية، وذلك حفاظاً على إستمرار السيطرة الأجنبية على مقدرات الوطن العربي، وسهولة وصول بريطانيا إلى مستعمراتها في الهند بعد شق قناة السويس، وقد إلتقت المصالح الغربية مع أهداف الحركة الصهيونية حيث تجسد ذلك في وعد بلفور عام 1917 في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، تم تكريس وعد بلفور في مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 ليصبح أحد الوثائق الدولية المطلوب تنفيذها.
وقد عملت بريطانيا الدولة المنتدبة على فلسطين على تشجيع وتسهيل الهجرة اليهودية إلى فلسطين وإعطائهم المعسكرات للتدريب وأراضي المشاع لإقامة الكوبسات والمستوطنات، بالمقابل فرضت على شعبنا الفلسطيني قانون الطوارئ ونفذت الإعدامات وهدمت بيوت المناضلين.
والواقع أن المقاومة الفلسطينية قد بدأت ضد الغزاة الصهاينة في العام 1886 عندما هاجم الفلاحون المطرودون من قراهم في الخضيرة وملبس محتلي أراضيهم المغتصبة التي أجلوا عنها رغم إرادتهم. وقد تصاعدت المقاومة الفلسطينية ضد الوجود الصهيوني في فلسطين وأهمها ثورة البراق وثورة عام 1936 - 1939 والتي فرضت على بريطانيا إصدار الكتاب الأبيض حيث تم التخلي عن فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين أحدهما يهودية والأخرى فلسطينية وتعهدت بريطانيا بإيجاد وطن قومي لليهود في دولة فلسطينية مستقلة تكون محكومة من قبل العرب الفلسطينيين، وقد دفع الكتاب الأبيض اليهود إلى العمل على نقل نشاطهم من بريطانيا إلى أمريكا.
أما الدول العربية فقد كان معظمها حديث الإستقلال ذات إمكانات عسكرية متواضعة، ورغم ضعف الإمكانات فقد قاتل الجندي العربي ببسالة إلى جانب المقاومة الفلسطينية وتمكنوا من الحفاظ على 22% من الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس. التي أعادت إسرائيل إحتلالها في حرب الأيام الستة عام 1967.
واليوم يواجه شعبنا الفلسطيني مبادرة الرئيس الأمريكي " صفقة العصر " وتتلخص في إنهاء كافة قضايا الوضع النهائي من القدس إلى اللاجئين والمستوطنات والحدود والأمن بشكل يخدم المصالح الإسرائيلية ويمنع قيام دولة فلسطينية ويتعارض مع قرارات الشرعية الدولية مجلس الأمن والجمعية العمومية. وما يجدر ذكره أن صفقة العصر صيغت من قبل اليهود الأمريكان كوشنير وغرينبلات والسفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فريدمان. وقد بدأ ترامب بتنفيذ بنود صفقته بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى " القدس الموحدة عاصمة إسرائيل "، كما إدعى ترامب أن المستوطنات لا تتعارض مع القانون الدولي، وأن اللجوء لا يورث ولا يحق للاجئين الفلسطينيين التعويض. وكما قال كوشنير صهر الرئيس الأمريكي ترامب، إن هذه المبادرة ليست للنقاش ولكن للتطبيق، وفعلاً فقد أعلن نتنياهو أنه سيضم منطقة غور الأردن والمستوطنات إلى السيادة الإسرائيلية كما أعلن مؤخراً وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت الشروع في بناء ألفي وحدة إستيطانية في مستوطنات غوش عتصيون وإفرات قرب بيت لحم.
وقد أكدت القيادة الفلسطينية ومختلف الفصائل رفضها لمقترحات ترامب جملة وتفصيلاً، وأوقفت السلطة المفاوضات مع إسرائيل بالرعاية الأمريكية وطالبت بعقد مؤتمر دولي للسلام يستند إلى الشرعية الدولية قرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية التي تدين إقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس. وتنص على إقامة الدولتين. كما أن القيادة الفلسطينية أكدت أخيراً في إجتماعاتها أنه في حال قام نتنياهو بضم أجزاء من الضفة الغربية المستوطنات أو غور الأردن فإن القيادة الفلسطينية سوف تعلن إنهاء كافة إلتزاماتها مع إسرائيل بما فيها وقف التنسيق الأمني.
أما التطبيع، وهو الشق الآخر من صفقة القرن، فقد دعا ترامب الدول العربية وإسرائيل والدول الأوروبية وتم عقد مؤتمر وارسو بهدف قيام حلف في الشرق الأوسط تكون إسرائيل أحد أطرافه، كما دعا إلى مؤتمر عمان الذي حضره مندوبين إسرائيليين إلى جانب بعض الدول العربية وقد أسقط العرب بذلك قراراتهم بمؤتمر قمة بيروت عام 2002 في ربط التطبيع الشامل بالإنسحاب الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967 وتجول مندوبي إسرائيل في شوارع بعض العواصم العربية رافعي جوازاتهم الإسرائيلية. كما شاهدنا مؤخراً بعض الأعمال الثقافية التي تدعو إلى التطبيع وبعضها يدين القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
في وقت لازالت قرارات القمم العربية تؤكد على أن فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية كما حصل مؤخراً في قمة الظهران أمام هذا الواقع الخطر الذي يواجهه شعبنا الفلسطيني وقيادته نرى ضرورة العمل على الأمور التالية:
أولاً: وضع برنامج سياسي يشكل إجماع وطني يؤكد على حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس، وتوحيد الموقف السياسي والرؤية الواحدة لمن هم أعداء شعبنا الفلسطيني حيث لا تزال هذه النقاط موضع خلاف مما يؤدي إلى الشرذمة السياسية الحالية.
ثانياً: تعزيز المقاومة بمختلف أساليبها والتي أقرتها كافة القوانين والشرائع الدولية ووضع البرامج لإشراك كافة أبناء شعبنا الفلسطيني وبمختلف أماكنه لأخذ دوره في معركة الدفاع عن حق شعبنا في أرضه ووطنه وبناء دولته.
لقد رأينا في فترات عديدة كانت تستغل المقاومة لضرب التحرك السياسي مما أدى إلى إجهاض العمل السياسي دون أن تحقق المقاومة أي أهداف، لذا ضرورة التنسيق بين كافة القوى ووضع خطط المقاومة المنسجمة مع المرحلة السياسية.
ثالثاً: تعزيز العلاقة مع القوى والأحزاب الثورية في الوطن العربي وخاصة حزب البعث العربي الإشتراكي، فالمعركة ضد العدو الصهيوني لا تنفصل عن معركة الأمة ضد العدو الفارسي في شرق الوطن العربي.
رابعاً: تعزيز المقاطعة الفلسطينية والعربية للكيان الصهيوني بمقاطعة كافة المنتجات الإسرائيلية وإيجاد فرص عمل للعمالة الفلسطينية خارج إسرائيل، وتعزيز B.D.S التي حققت تقدماً كبيراً في المقاطعة الدولية للبضائع المنتجة داخل المستوطنات الإسرائيلية والعمل على تعميمها على كافة المنتجات الإسرائيلية.
إن إسرائيل تجني أرباح طائلة من إحتلالها للأراضي الفلسطينية وأن بداية نهاية الإحتلال هو في جعل إسرائيل تتكبد الخسائر جراء إحتلالها. كما يجب أن يكون واضحاً أن تطبيع الدول العربية لعلاقاتها مع إسرائيل إنما هو خنجر في خاصرة الشعب الفلسطيني لا يقل عن خطر الإنقسام.
خامساً: الوحدة الوطنية. بعد ثلاثة عشرة عاماً لا زال الإنقسام السياسي والجغرافي يسود شطري الوطن. ولازالت الأموال الإيرانية والتركية والقطرية التي تمر عبر إسرائيل تغذي هذا الإنقسام وهذا ما أكده رئيس وزراء العدو الإسرائيلي نتنياهو، لذلك فإن الإنقسام تجاوز شقه الفلسطيني ليرتبط بالوضع الإقليمي المتأزم الذي تحاول إيران أن تلعب دور شرطي المنطقة وإعادة الأحلام الإمبراطورية فبعض تصريحات المسؤولين الإيرانيين تؤكد ذلك بأن إيران أصبحت إمبراطورية عاصمتها بغداد، وبأن إيران تسيطر على أربع عواصم عربية إلخ..، ولذلك نحن لم يكن لدينا منذ البداية أية أوهام في أن الحوارات مع حركة حماس التي شهدتها عدة عواصم عربية سوف تؤتي ثمارها.
أمام هذا الواقع وتعثر العودة إلى توحيد الصف نرى ضرورة رفع مستوى التنسيق لمواجهة الظروف الراهنة مع إستمرار محاولات إعادة توحيد شطري الوطن.
سادساً: تعزيز العلاقة مع الدول الأوروبية المؤيدة للشرعية الدولية وخاصةً الإتحاد الأوروبي وروسيا والصين.
سابعاً: التوجه إلى المؤسسات الدولية مجلس الأمن، والجمعية العمومية، ومحكمة العدل العليا، ومحكمة الجنايات الدولية وجعل المسرح الدولي مجالاً لنشاطنا ضد إسرائيل وحليفتها أمريكا. ودخول كافة الهيئات الدولية علماً أن أمريكا تخرج من كل هيئة تدخلها المنظمة بهدف إنهاء دور الأمم المتحدة لصالح حكم القطب الواحد.
ثامناً: أخيراً، في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ مسيرة شعبنا الفلسطيني، من المهم تغليب الصراع ضد العدو الصهيوني على أي خلافات ثانوية ووضع كافة الجهود لهزيمة مشاريع الإحتلال من أجل تحقيق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس.
المجد والخلود للشهداء الأبرار
الحرية لأسرى الحرية
وإنها لثورة حتى التحرير
الأمانة العامة لجبهة التحرير العربية