الموقع الرسمي لمنظمة التحرير
استشهد الأسير المريض سامي عاهد عبد الله مصلح أبو دياك في مستشفى "سجن الرملة" الإسرائيلي صباح اليوم الثلاثاء، دون ان يحقق امنيته الاخيرة بالموت في حضن والدته وبين اهله.
وقد امضى الاسير الشهيد ابو دياك (17 عاما) في سجون الاحتلال، بعد اعتقاله بتاريخ 17 تموز 2002، حيث صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد ثلاث مرات، إضافة إلى 30 عاما.
وكان الشهيد الاسير سامي ابو دياك وجه رسالة كانت بمثابة نداء اخير من سجنه الى اصحاب الضمائر الحية في العالم قال فيها:
"إلى كل صاحب ضمير حي، أنا أعيش في ساعاتي وأيامي الأخيرة، أريد أن أكون في أيامي وساعاتي الأخيرة إلى جانب والدتي وبجانب أحبائي من أهلي، وأريد أن أفارق الحياة وأنا في أحضانها، ولا أريد أن أفارق الحياة وأنا مكبل اليدين والقدمين، وأمام سجان يعشق الموت ويتغذى، ويتلذذ على آلامنا ومعاناتنا" .
في الأسابيع الأخيرة رفض أبو دياك الانتقال إلى مستشفى "سوروكا" في بئر السبع، قائلا: أريد الاستشهاد بين رفاقي الأسرى المرضى هنا في سجن "عيادة الرملة".
واستشهد في الثامن من شهر أيلول/ سبتمبر الأسير المريض بسام السايح (47 عاما) من محافظة نابلس، في مستشفى "أساف هروفيه" الإسرائيلي، وكان أيضا مصاب بالسرطان منذ العام 2013، وتعرض منذ ذلك الوقت لسياسة القتل الطبي المتعمد، والممنهج من قبل إدارة السجون.
وفي السنوات الأخيرة منع الاحتلال ذويه من زيارته، وتركه يصارع مرضه المزمن (سرطان في الأمعاء) دون أن يقدم له البيئة والظروف الصحية التي يحتاجها انسان مريض بالسرطان، وبدلاً من رعايته شدد القيد عليه.
وباستشهاد أبو دياك، ارتفع عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة منذ عام 1967م، إلى 222 شهيداً، من بينهم (67) أسيراً قتلهم الاحتلال عبر سياسة الإهمال الطبي المتعمد.
ولد ابو دياك، في بلدة سيلة الظهر، جنوب جنين، يوم 26 نيسان 1983، وله خمسة أشقاء، من بينهم شقيق أسير وهو سامر أبو دياك وهو كذلك محكوم بالسّجن مدى الحياة، حيث رافقه طوال سنوات مرضه فيما يسمى بمعتقل "عيادة الرملة" لرعايته.
إدارة معتقلات الاحتلال بدأت بقتل الأسير أبو دياك قبل إصابته بالسرطان، والذي نتج عن خطأ وإهمال طبي متعمد، كجزء من إجراءات التعذيب التي تنفذها إدارة معتقلات الاحتلال بحق الأسرى.
ومنذ عام 2015 تعرض أبو دياك لخطأ طبي عقب خضوعه لعملية جراحية في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، حيث تم استئصال جزء من أمعائه، وأُصيب جرّاء نقله المتكرر عبر ما تسمى بعربة "البوسطة" - التي تُمثل للأسرى رحلة عذاب أخرى- بتسمم في جسده وفشل كلوي ورئوي، وعقب ذلك خضع لثلاث عمليات جراحية، وبقي تحت تأثير المخدر لمدة شهر موصولاً بأجهزة التنفس الاصطناعي، إلى أن ثبت لاحقاً إصابته بالسرطان، وبقي يقاوم السرطان والسّجان إلى أن ارتقى اليوم بعد (17) عامًا من الاعتقال.
محاولات عديدة جرت للإفراج عنه، إلا أن سلطات الاحتلال رفضت ذلك رغم تيقنها من أنه وصل إلى المرحلة الأخيرة من المرض، وأبقت على احتجازه في معتقل "عيادة الرملة" التي يطلق عليها الأسرى "المسلخ" وكانت قد عينت جلسة في تاريخ الثاني من ديسمبر المقبل للنظر في قضية الإفراج المبكر عنه.
وبذلك يكون عدد الشهداء الذين قتلهم الاحتلال منذ مطلع العام الجاري 2019، خمسة شهداء، وهم: فارس بارود، وعمر عوني يونس، ونصار طقاطقة، وبسام السايح بالإضافة إلى سامي أبو دياك.
ويوجد في سجون الاحتلال 700 أسير مريض يعانون أوضاعاً صحية صعبة، منهم ما يقارب 160 أسيراً بحاجة الى متابعة طبية حثيثة، وعلى الأقل هناك عشرة حالات مصابين بالسرطان.
ويعتبر الشهيد الأسير أحمد محمد سلامة النويري من مخيم النصيرات في قطاع غزة أول شهداء الحركة الأسير، الذي تعرض للتصفية والقتل بعد اعتقاله مباشرة في الثامن من حزيران يونيو عام 1967.
وخلال العام الجاري استشهد خمسة أسرى في سجون الاحتلال، هم: الأسير الشهيد فارس بارود، الذي ارتقى في شهر شباط فبراير نتيجة للإهمال الطبيي، والأسير الشهيد عمر عوني يونس، الذي ارتقى نتيجة تأثره بجراح أصيب بها على حاجز زعترة جنوب نابلس في شهر نيسان أبريل، والشهيد الأسير نصار طقاطقة الذي استشهد نتيجة التعذيب خلال التحقيق معه في شهر تموز يوليو، والشهيد الأسير بسام السايح الذي ارتقى في شهر أيلول سبتمبر الماضي نتيجة للإهمال الطبي.
وتحتجز سلطات الاحتلال الاسرائيلي جثامين ستة أسرى هم: عزيز عويسات، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح، وأخيراً سامي أبو دياك.
بينما عدد الأسرى المرضى قرابة (700) أسير منهم (200) حالة مرضية مزمنة بحاجة لعلاج مستمر، وعلى الأقل هناك عشر حالات إصابة بالسرطان.
ووفق وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين فإن 71 من شهداء الحركة الأسيرة ارتقوا نتيجة التعذيب، و74 نتيجة القتل العمد، و7 جراء إطلاق النار عليهم مباشرة، و58 نتيجة الإهمال الطب، فيما ارتقى آخرون بعد تحررهم من السجون بسبب آثار التعذيب، أو نتاجاً للإهمال الطبي المتعمد داخل السجن، ما أدى لتفاقم الأمراض واستفحالها، إضافة إلى مجموعة من الأسرى قد تم الإفراج عنهم قبل انتهاء مدة محكوميتاهم نتيجة لسوء أوضاعهم الصحية ليتنقلوا بعدها للعلاج في المستشفيات الفلسطينية والعربية إلى أن استشهدوا بعد أيام أو شهور قليلة من خروجهم من السجن، وجميعهم كانوا يعانون من أمراض خطرة أصيبوا بها داخل السجون.
تجدر الإشارة إلى أن المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة أكدت وجوب تقديم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالة الأسير الصحية، ونظراً لأن حالة الأسير سامي خطيرة، فإنه كان يتوجب أن يتم توفير الرعاية الصحية المناسبة لوضعه الدقيق وهذا غير متوفر في "عيادة سجن الرملة" التي تفتقر لأدنى متطلبات الرعاية الصحية، حيث أن إعادة الأسير سامي بعد يومين من إجراء عملية جراحية "لعيادة سجن الرملة" ينافي ما كفلته المواثيق الدولية التي توجب تقديم رعاية صحية مناسبة لا تتواجد في "عيادة سجن الرملة".
كما ونصت القاعدة (27) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أنه: "تَكفل جميع السجون إمكانية الحصول الفوري على الرعاية الطبية في الحالات العاجلة. أمَّا السجناء الذين تتطلَّب حالاتهم عنايةً متخصِّصة أو جراحة فينقلون إلى مؤسسات متخصِّصة أو إلى مستشفيات مدنية. ومن الواجب، حين تتوفَّر في السجن دائرة خدمات طبِّية خاصة به تشتمل على مرافق مستشفى، أن تكون مزوَّدةً بما يكفي من الموظفين والمعدات لتوفير خدمات العلاج والرعاية المناسبة للسجناء المُحالين إليها." وفي حالة الأسير سامي أبو دياك لم يحصل على الرعاية الطبية الفورية، كما ولم يمكث في المستشفيات المدنية المؤهلة مدة كافية تتناسب مع وضعه الصحي الخطر حيث كان ينقل بشكل دوري ما بين المستشفيات المدنية و"عيادة سجن الرملة" التي لا تشتمل على مرافق المستشفى وهي غير مزودة لا بالموظفين المتخصصين ولا بخدمات العلاج المناسبة.
ووفق هيئة شؤون الأسرى فإن عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل إلى 5700 أسير، بينهم 220 طفلاً، و38 أسيرة، و500 معتقلاً إدارياً، و700 مريض، 570 محكومين بالسجن المؤبد، و14 صحفياً، و50 من قدامى الأسرى.
وتسعى سلطات الاحتلال الى اتخاذ كافة الاجراءات التي من شأنها فرض، أو تشريع قوانين تهدف للانتقام من الأسرى وقتلهم، والذي يتمثل ذلك في ما يسمى "قانون الإرهاب" الذي أقره الكنيست العام الماضي والذي ينص على رفض الافراج على أي أسير قبل انتهاء محكوميته مهما كان وضعه الصحي.
عن "وفا"