الموقع الاخباري الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية :
أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، الدكتور واصل أبو يوسف، أن استحداث مناصب جديدة مثل نائب الرئيس، وإجراء تغييرات على مستوى الأجهزة الأمنية والمحافظين، ليست تعديلات شكلية، بل تمثل استحقاقًا داخليًا نابعًا من الحاجة لترتيب البيت الفلسطيني، في ظل حرب الإبادة المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. ولفت إلى أن هذه الخطوات تراعي كذلك ضغوطات ونصائح ومواقف دولية صديقة دون أن تمليها، بل تنبع أولًا وأخيرًا من الإرادة الوطنية الفلسطينية.
وأوضح أبو يوسف أن الهجمة الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني تستهدف تقويض الحقوق والثوابت، وعلى رأسها حق العودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، فضلًا عن محاولات ضرب تمثيل الشعب الفلسطيني عبر استهداف منظمة التحرير الفلسطينية. وفي مواجهة هذا الواقع، جاءت الخطوات الأخيرة لتنظيم المؤسسة الوطنية، وتعزيز التماسك الداخلي، بما في ذلك تعديل النظام الأساسي للمنظمة لإقرار منصب نائب الرئيس، وهو ما تم بتوافق شبه كامل داخل اللجنة التنفيذية، مع صوت معارض وآخر ممتنع فقط.
وشدد على أن إعلان الرئيس الدستوري بشأن تولي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مهام الرئاسة مؤقتًا في حال الشغور، لمدة 90 يومًا، لم يكن كافيًا لضمان الاستمرارية المؤسسية، الأمر الذي تطلب استحداث منصب نائب الرئيس وتنظيم آليات الانتقال، ما يؤكد جدية هذه الإصلاحات وعمقها.
وأمام هذه التصريحات، أثيرت مجموعة من التساؤلات أبرزها: هل تعني هذه الخطوة ترتيبًا نخبويًا لتأمين مرحلة ما بعد الرئيس دون العودة إلى صناديق الاقتراع؟ خصوصا وأن البعض ينظر إلى هذه التعديلات، رغم كونها توافقية داخل اللجنة التنفيذية، إلا أنها محاولة لإدارة مرحلة انتقالية مغلقة دون تجديد شرعي يستند إلى الإرادة الشعبية.
"الانتخابات أولوية لكنها غير ممكنة في ظل الإبادة"
فيما يخص ملف الانتخابات، أكد أبو يوسف أنها أولوية وطنية مطلقة ولا غنى عنها لترتيب النظام السياسي الفلسطيني. غير أن ظروف الحرب الشرسة التي يشنها الاحتلال، خاصة في قطاع غزة ومخيمات شمال الضفة الغربية، تجعل من المستحيل إجراء انتخابات حقيقية في الوقت الراهن.
وأشار إلى أن الانتخابات كانت مطروحة قبل اندلاع العدوان الأخير، وكان من المقرر إجراؤها لولا رفض الاحتلال عقدها في القدس، ما يكشف عن نية واضحة لإخراج المدينة من المعادلة الوطنية، وهو أمر مرفوض بالمطلق.
تصريحات أبو يوسف حول الانتخابات، تبرز مجموعة من التساؤلات المنطقية، من أبرزها: إذا كانت الانتخابات أولوية، فلماذا لم تُجرَ طوال هذه السنوات حتى قبل العدوان على غزة؟ خصوصا وأن استمرار التمسك بشرط إجرائها في القدس دون البحث عن حلول بديلة أو توافقات وطنية برأي الكثيرين، يجعل من الموقف الرسمي أقرب إلى تبرير التأجيل منه إلى سعي فعلي نحو التجديد الديمقراطي.
"تجديد الدماء لا يتعارض مع الأولويات الوطنية"
وردًا على الانتقادات بشأن ضعف مشاركة الشباب والنساء في المشهد السياسي، أكد أبو يوسف أن الأولويات الراهنة المرتبطة بمواجهة الاحتلال لا تتعارض مع ضرورة ضخ دماء جديدة في مواقع صنع القرار، وأكد أن غياب الانتخابات حاليًا يعيق هذه العملية، لكنها ستُستأنف بمجرد توفر الظروف الملائمة، استنادًا إلى قرارات المجلس المركزي، بما يضمن تمكين الشباب والنساء من تولي أدوار قيادية.
"القانون فوق الجميع": تعزيز الديمقراطية في النقابات
وفيما يتعلق بالاتحادات والنقابات، أوضح أبو يوسف أن الانتخابات داخل هذه الهيئات تسير وفق القوانين المرعية، مستشهدًا بانتخابات نقابة المهندسين، ومؤتمر نقابات عمال فلسطين، والانتخابات المرتقبة في نقابة المحامين. وشدد على أن الديمقراطية النقابية مسؤولية المنتسبين أنفسهم، وهي ليست شكلية، بل تفرز قيادة بناءً على برنامج عمل يخضع للمساءلة الدورية. أما الاتحادات المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير، فأكد أنها تشهد انتخابات دورية، رغم التحديات الجغرافية والتنظيمية، لا سيما في مخيمات الشتات والمهجر، ما يعزز مكانتها إقليميًا ودوليًا.
"من القاعدة إلى القمة": لا تهميش للشباب والمرأة في المنظمة
وردًا على تساؤلات بشأن غياب النساء والشباب في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، شدد أبو يوسف على أن هذا الانطباع غير دقيق. وأشار إلى قرار المجلس الوطني الفلسطيني لعام 2018 بوجوب تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 30%، وهي نسبة اقتربت بالفعل من التحقيق في آخر دورات المجلس المركزي. أما اللجنة التنفيذية، فقد جرى انتخابها في 2018، وتم ملء المقاعد الشاغرة فقط في 2022.
وأكد أن المنظمة تتيح للشباب والنساء التقدم والترشح عبر الانتخابات في الأطر التنظيمية والنقابية. ولفت إلى أن أحد أعضاء المجلس المركزي الحالي هو رئيس اللجنة التحضيرية لاتحاد الطلاب، وقد وصل إلى موقعه عبر الانتخابات الطلابية، في مؤشر على أن الطريق نحو القيادة متاح عبر المشاركة التنظيمية الفاعلة.
لكن الواقع لا يعكس وجودًا فعليًا مؤثرًا للنساء أو الشباب في مواقع صنع القرار السيادي، خصوصًا داخل اللجنة التنفيذية، في وقت يعتقد فيه البعض أن التذرع بعدم إجراء الانتخابات لتبرير هذا الغياب لا يُخفي وجود ثقافة سياسية تُقصي الفئات الجديدة، حتى ضمن التعيينات أو التزكيات في الهيئات العليا.
"المنظمة ليست بحاجة إلى إصلاح بل إلى تفعيل"
أعاد أبو يوسف التأكيد على مكانة منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها "الممثل الشرعي والوحيد" للشعب الفلسطيني، ومظلة نضاله الوطني. وشدد على أن المنظمة لا تحتاج إلى "إصلاح" بمفهومه السلبي، بل إلى تطوير وتفعيل هياكلها ومؤسساتها بما يتناسب مع التحديات الراهنة، وتعزيز قدرتها على قيادة المشروع الوطني نحو التحرر والاستقلال.
ودعا إلى ضرورة انضمام جميع القوى الفلسطينية، بمن فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، تحت مظلة المنظمة لتوحيد الصف الوطني، معتبرًا ذلك المدخل الحقيقي لترتيب البيت الفلسطيني.
لكن.. هل يمكن تفعيل جسم يعاني من بنية قديمة وتضاؤل شرعية تمثيله دون مراجعة جذرية؟ في هذا السياق، يرى كثيرون أن منظمة التحرير بحاجة إلى إصلاح مؤسسي حقيقي يشمل إعادة تشكيل المجلس الوطني وتوسيع قاعدة التمثيل السياسي، خصوصًا مع استمرار غياب حركتي حماس والجهاد الإسلامي عنها.
"الفصائل في الطليعة": التضحيات مستمرة والدور متجدد
وحول تراجع دور الفصائل الفلسطينية، نفى أبو يوسف هذا التوصيف، مؤكدًا أن الفصائل ما تزال في مقدمة الصفوف، تدفع الثمن الأكبر في مواجهة الاحتلال، من دماء أبنائها وتضحيات مناضليها. وأوضح أن تجديد القيادات داخل الفصائل يتم عبر مؤتمرات انتخابية داخلية، وأن الشباب حاضرين فيها بشكل متفاوت حسب كل فصيل.
وختم بالتأكيد على أن التأثير السياسي لا يرتبط فقط بالأعمار، بل بالبرنامج الوطني والقدرة على التعبئة والتنظيم، مشيرًا إلى أن الميدان والمقاومة هما من يفرزان القادة الحقيقيين.
وأمام تصريحات أبو يوسف، فإن كثر يعتقدون بوجود تراجع في التأثير السياسي والميداني لغالبية الفصائل التاريخية، مقابل صعود تيارات غير فصائلية في الشارع، خصوصًا بين الشباب، ما يطرح يطرح سؤالًا جديًا: هل باتت الفصائل عاجزة عن تجديد نفسها واستيعاب التحولات المجتمعية؟
ماذا قال المواطن؟
وردا على سؤال ما المطلوب من أجل إصلاح النظام السياسي الفلسطيني وهل تشكل الانتخابات مدخلا لذلك، عبر مجموعة من المواطنين خلال برنامج "بصراحة" عن خيبة أملهم من عدم إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في فلسطين منذ قرابة العشرين عاما، حيث أكد عدد من الشباب والشابات أنهم لم يمارسوا حق الانتخاب في حياتهم، مشددين على ضرورة ممارسة حقهم في اختيار من يمثلهم ومن يتحدث باسمهم.
وشدد المشاركون في الاستطلاع أن النظام السياسي الفلسطيني يحتاج الى إصلاح في ظل تعمق أزمته الناتجة عن عدم تجديد الدماء وعدم إشراك الشباب في صناعة القرار سواء في السياسات العامة أو تقديم الخدمات.