2025-06-27 الساعة: 10:34:34 (بتوقيت القدس الشريف)

مجدلاني في حوار صحفي خاص مع جريدة " الشعب " الصينية

الموقع الاخباري الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية

 اجرت جريدة " الشعب " الصينية حوار صحفي خاص مع الدكتور أحمد مجدلاني الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني.

 

منذ متى بدأتم في الاهتمام بالصين وكم مرات قمتم بزيارة الصين ؟ مقارنة مع زيارتكم الأولى ، ما هي التغيرات الحاصلة في الصين التي تركت انطباعا عميقا لكم ؟ ومقارنة مع ما صورته ووصفته وسائل الإعلام الغربية حول الصين، ما هو الفرق الأكبر؟ هل توجد اية قصص لا تنسى من خلال تبادلاتكم الودية مع الشعب الصيني والحزب الشيوعي الصيني على مر السنين ؟

تربطنا مع الصين علاقات تاريخية وطيدة ، وقد بدأت هذه العلاقات منذ السبعينيات من القرن الماضي ، حيث ارتبطت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بعلاقات وثيقة مع الحزب الشيوعي الصيني وقد استفادت الجبهة من الخبرات الصينية العريقة وتم استلهام النموذج الصيني " نموذج حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد " في مسيرة الجبهة وفي الثورة الفلسطينية ، ولقد تعمقت هذه العلاقات التي ما زالت متواصلة وراسخة وقوية ، حيث تربطنا علاقات متميزة مع الحزب الشيوعي الصيني وهناك تواصل دائم مع قيادة الحزب من خلال دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، ولقد قمنا بزيارة الصين عشرات المرات ، على المستوى الشخصي  ، وعلى مستوى الوفود والمشاركات اللافتة للعديد من رفيقاتنا ورفاقنا أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية وعدد من كوادر جبهة النضال الشعبي الفلسطيني ، ولقد شاركنا في العديد من المؤتمرات الحوارية التي يقيمها الحزب في بكين في اطار حواراته مع الأحزاب السياسية الدولية والعربية ، وخلال زياراتنا العديدة للصين تعمقت الصداقة القائمة على الثقة والتقدير والاحترام المتبادل ، ولقد وجدنا نمواً وتطوراً متعاظما في كافة ربوع الصين وعلى كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية ووجدنا ارادة صينية جبارة في مواجهة الفقر وتحدي كافة الظروف والانتقال الى مرحلة جديدة من التنمية التي وضعت الانسان الصيني في المقام الأول وأكدت على مبادئ وقواسم مشتركة جديرة بالتقدير والتي تقوم على أساس مبدأ المصير المشترك للبشرية .

بكل تأكيد نحمل في عقولنا وفي قلوبنا ذكريات جميلة في الصين ، حيث لمسنا الطيبة والاستقامة والنمو الانساني المزدهر واحترام مكانة الصينيين من مختلف قومياتهم ومشاربهم ، حيث  وجدنا بأن هناك معايير وأسس متطورة للمواطنة الفاعلة ، وكل ذلك يرجع لدور ومكانة وحكمة الحزب الشيوعي الصيني الذي استطاع أن يضع الصين كثاني قوة اقتصادية في العالم وأن يضع قيم حضارية ثابتة لتطوير المجتمع الصيني وصولاً الى ما وصل اليه من رقي وتطور وتقدم أبهر كافة دول وشعوب العالم .

 ما رأيكم في علاقات الصداقة والتعاون بين الصين وفلسطين والدول العربية ؟ يرجى توضيح خاصة من مجالات التعاون الحزام والطريق بين الجانبين وتعاونهما لمكافحة كوفد-19. ما رأيكم في إمكانات التعاون بين الصين وفلسطين والدول العربية في المستقبل ؟

نثمن عالياً  السياسة الصينيّة الحكيمة المستندة لمبدأ التشاور لتعزيز البناء المشترك بين الجانبين الصيني والعربي لـ "مبادرة الحزام والطريق" ، حيث تمت إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين ، ومن جانب آخر ، أصبحت الدول العربية أكبر مورد للنفط الخام للصين وسابع أكبر شريك تجاري لها ، وتجاوبت مع المبادرات الصينيّة التي تدعو إلى المشاركة في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري ،  وكذلك نعبر عن تقديرنا لتوسع ونمو نفوذ الصين في الشرق الأوسط منذ سنوات ، لا سيما من خلال مبادرة " الحزام والطريق " ، وهي مشروع عالمي ضخم للبنية التحتية والتنمية الاقتصادية ، أطلقه الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013 ، ويبدو أن هدفها هو بناء شبكة اقتصادية وهياكل أساسية تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا وما وراء ذلك ، ومهم أن نشير بأن هذه المبادرة الضخمة للتنمية والاستثمار تسعى بثقة وبشكل كبير إلى تعزيز النفوذ العالمي للصين من شرق آسيا إلى أوروبا من خلال جعل الدول في جميع أنحاء العالم تعتمد بشكل متزايد على الصين.

وارتباطاً بكل ذلك فإننا نرى تنامي العلاقات الفلسطينية الصينية مرتبط بأهمية خاصة كون الاقتصاد الفلسطيني ما زال فتياً ويعاني اجراءات وسياسات الاحتلال الاسرائيلي الذي يحاول العمل على اجهاض كافة مشاريعنا الاقتصادية والتنموية في محاولة لفرض اجراءاته الاحادية التي تكرس تبعية الاقتصاد الوطني الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي ، ومن هنا نحيي الجهود والمواقف الصينية وما تقوم به من انفتاح ومد جسور الثقة والتعاون لتنمية وتطوير الاقتصاد الفلسطيني ودعم الجهود الفلسطينية لتحرير الاقتصاد الوطني وتحقيق استقلاله وتوفير كافة الظروف المناسبة لدعم المشاريع والمبادرات التنموية والتطويرية الفلسطينية .

وفيما يتعلق بالجهود الصينية في مواجهة كوفيد 19  فإننا نشيد بالمواقف والجهود والبرامج التي اطلقتها الحكومة الصينية لمساعدة الشعب الفلسطيني ، حيث وصلتنا الدفعة الأولى من المساعدات الصينية ، بتاريخ 14/4/2020، وتضمنت في حينه ، 50 ألف شريحة فحص خاصة بفيروس كورونا ، وملابس ونظارات واقية وأقنعة وجه ، تستخدمها الطواقم الطبية خلال التعامل مع الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس ، تلاها دفعة ثانية بعد بأيام ، تضمنت شرائح فحص ومستلزمات طبية ، إلى جانب عقد اجتماعات بين خبراء صينيين وفلسطينيين في مجال الصحة عبر الإنترنت ، لبحث كيفية رفع القدرات والإجراءات لمجابهة كورونا ، بمشاركة وزيرة الصحة الفلسطينية.

وفي سبيل نقل الخبرة وتبادل المعلومات ، أرسلت الصين وفدًا طبيًا إلى فلسطين ، بتاريخ 10/6/2020، برئاسة الدكتور هو بنغ ، ويضم 10 خبراء في أمراض الجهاز التنفسي والأمراض المعدية والطب الصيني التقليدي وعلم الأوبئة والتمريض ، من أجل تقديم التوجيهات والإرشادات الطبية اللازمة لوضع السياسات الوقائية لمكافحة نقل العدوى خاصة داخل المستشفيات ، وتبادل المعلومات والخبرات المتعلقة بالوقاية من المرض والسيطرة عليه ، والعلاج السريري ، والاختبارات المعملية ، وحصل هؤلاء الأطباء على خبرة في مواجهة المرض خلال مشاركتهم في الجبهة الأمامية لمحاربة المرض في بلدية تشونغتشينغ ومقاطعة هوبي.

ومن المهم أن نشير بأن الوفد الطبي جاء محملًا بمساعدات طبية مقدمة الحكومة الصينية ، شملت كمامات من فئة "N95"، وكمامات جراحة ، وأجهزة قياس حرارة ، ومسحات لاكتشاف الفيروس ، وتعكس هذه المساعدات الدور الذي تقوم به الصين في مواجهة كورونا على امتداد العالم ، كما تساهم في دعم قدرة النظام الصحي الفلسطيني لمواجهة احتمالية حدوث موجة جديدة من المرض ، وتعكس العلاقة الوثيقة التاريخية بين الصين وفلسطين ، وتحمل رسالة تضامن انساني وطبي وسياسي مع الشعب الفلسطيني .

انعقدت الدورة الكاملة السادسة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني ببكين في الفترة ما بين يومي 8 و11 نوفمبر 2021. وقرر الحزب في الدورة مكانة الرفيق شي جين بينغ باعتباره نواة للجنة الحزب المركزية وللحزب كله ، ومكانة أفكار شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد كمرشد.  انه يعكس الرغبات المشتركة لكل الحزب والجيش وأبناء الشعب بمختلف قومياتهم في البلاد ، ويتحلى بأهمية حاسمة بالنسبة إلى تطوير قضايا الحزب والدولة في العصر الجديد ودفع العملية التاريخية لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية . ما رأيكم في ذلك ؟

المهمة الرئيسية التي واجهها الحزب الشيوعي الصيني خلال فترة الثورة الاشتراكية والبناء الاشتراكي هي تحقيق التحوُّل من الديمقراطية الجديدة إلى الاشتراكية والقيام بالثورة الاشتراكية ودفع البناء الاشتراكي وذلك لتوفير الشرط السياسي المسبق الأساسي وإرساء الأرضية النظامية من أجل تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية.

ولقد نجحت قيادة الحزب في تحديد المهام التي واجهها الحزب في المرحلة الجديدة من الإصلاح والانفتاح وبناء التحديث الاشتراكي والمتمثلة بمواصلة استكشاف الطريق السديد لبناء الاشتراكية في الصين ، وتحرير وتطوير القوى المنتِجة الاجتماعية وتخليص أبناء الشعب من الفقر وتمكينهم من الثراء في أسرع وقت ممكن ، وذلك لتوفير الضمان المؤسسي المفعم بالحيوية المتجددة وتهيئة الظروف المادية للتنمية السريعة من أجل تحقيق النهضة والتنمية المستدامة وترسيخ مكانة الصين بين الأمم .

ومنذ دخول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد  تم بذل كافة الجهود والطاقات نحو تحقيق أهداف الكفاح عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس الحزب ، واستهلال مسيرة جديدة لتحقيق أهداف الكفاح عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية ، ومواصلة المضي قُدُما نحو الهدف الطموح لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية ، حيث نرى نموذجاً رائعاً من اللجنة المركزية للحزب ، ونواتها الرفيق شي جين بينغ وهي تخطط وتستوعب الوضع العام الاستراتيجي للنهضة في الصين والتغيرات الكبيرة التي لم يشهدها العالم منذ مائة عام ، فالعصر الجديد للاشتراكية ذات الخصائص الصينية هو عصر يتم العمل فيه على وراثة السلف والتمهيد للخلف ومتابعة عمل الماضي وشق طريق المستقبل ومواصلة إحراز انتصارات عظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في الظروف التاريخية الجديدة ، وهو عصرٌ تسعى فيه القيادة الصينية لتحقيق انتصار حاسم في إنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل ، ثم بناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة قوية على نحو شامل ، والهدف هو أن يتضامن فيه أبناء الشعب الصيني بمختلف قومياتهم في كل البلاد ويكافحون لمواصلة العمل على خلق حياة سعيدة وتحقيق الرخاء المشترك لجميع أبناء الشعب تدريجيا ، ويوحّد فيه جميع أبناء الأمة الصينية جهودهم في سبيل تحقيق حلم الصين المتمثل في النهضة العظيمة للأمة الصينية بكل قوة وشجاعة ،  وبما يؤدي الى نتيجة ايجابية بحيث تستطع الصين بأن تواصل فيه تقديم إسهامات أكبر للبشرية ، كون النظام الاشتراكي بحد ذاته معلماً تاريخياً جديداً لتطور وعظمة الصين .

في عينيكم ، أي نوع من القادة هو الرئيس شي ، وما هي الصفات التي يمتلكها ؟ هل سبق لكم أن قابلت الرئيس شي ، وهل يمكنكم تذكر المشهد في ذلك الوقت ؟ كيف شعرت عندما رأيته وهل أجريتما محادثة او فعلتما اية الشيء ؟ إذا رأيت الرئيس شي مرة أخرى ، ماذا تريد أن تقول له؟

الرئيس شي جين بينغ قائد فذ ومن طراز مختلف ، فهو الى جانب كونه رئيساً لأكبر دولة ولأكبر حزب سياسي في العالم ، فهو انسان مفكر ويبحث عن آفاق المستقبل وفق رؤية اشتراكية ، وقد أسهم اسهاماً كبيراً في مسيرة نهضة وتطور الصين من خلال كافة المواقع التي شغلها وصولاً لموقعه رئيساً لجمهورية الصين الشعبية .

ومنذ انتخابه أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في نوفمبر عام 2012، يُنظر إلى شي على أنه رجل تصميم وعمل ، ورجل أفكار ومشاعر عميقة ، ورجل يرث إرثاً تاريخياً ، لكنه لديه الجرأة على الابتكار ، والصين تحت قيادته ، تتحول إلى دولة قوية ، وتدخل حالياً إلى عصر ذهبي آخر ، وهو بلا شك الشخصية المحورية لتخطيط مسار التاريخ ، فلديه استراتيجية واضحة حول كيف سيقود الحزب في ظل الفرص والتحديات ، وكيف سيعيد الصين إلى صدارة المسرح العالمي اليوم ، ويتابع العالم عن كثب  شخصية وسجايا ومواقف وأفكار الرئيس الصيني ، مثلما فعل تماما قبل تسعة أعوام.

ورغم أن شي لديه القليل من الوقت لنفسه ، إلا أنه تمكن من إفساح وقت لممارسة السباحة ، وساهم عمله الجسدي الكافي خلال شبابه إلى جانب السباحة ، في تمتعه بقدرة كافية على التحمل للاضطلاع بشؤون الحزب والحكومة والجيش ، والأهم من ذلك أنه يدفعه الإحساس بالمسؤولية ، ويقوم دائماً بزيارة المزارع وقرى الصيد ومنازل المزارعين والمطاعم الصغيرة والمتاجر وورش المصانع والمختبرات والمستشفيات والمدارس ، وذلك من أجل الحصول على معلومات مباشرة من المواطنين ومن قلب الشعب الصيني نفسه .

لنا تجارب ومحطات مهمة في التعرف على مواقف ورؤى وأطروحات الرئيس الصيني ، فقد حظيت أكثر من مرة بحضور لقاءات رفيعة المستوى بحضوره ، وكان آخرها المؤتمر الحواري الدولي الذي أقامته دائرة العلاقات الدولية في الحزب الشيوعي الصيني في بكين في العام 2018 بمشاركة حاشدة من الأحزاب السياسية الدولية والعربية ، حيث ترأست وفداً من جبهة النضال الشعبي الفلسطيني في ذلك اللقاء وكانت هنالك كلمة شاملة للرئيس شي وقد حظينا بلقاء خاص معه وقد ساد ذلك الاجتماع أجواء الترحيب والرقي وحسن الاستقبال وتجلت شخصية الرئيس الذي وجدناه منظراً ماركسياً حكيماً ، قام بصيننة الماركسية وفق عبقرته الفذة التي انتجت ما يعرف بالاشتراكية ذات الخصاص الصينية ، والى جانب كل المزايا السياسية والفكرية والحزبية والقيادية ، فهو يتمتع أيضا بخصال حميدة تميزه كقائد تاريخي استطاع أن يجعل من القوة المتعاظمة للصين قوة دولية فاعلة ومباشرة على أسس ومعايير

هل قرأت كتاب ( شي جين بينغ .. حول الحكم والإدارة) ؟ وما الذي أعجبكم أكثر في هذا الكتاب ؟ في الحكم المحلي ، تمسك الرئيس شي بمبدأ " اعتبار الشعب محوراً " ، وتأمين وتحسين معيشة الشعب ، وتعزيز التنمية الشاملة للإنسان باستمرار . كيف تقيم ذلك ؟ وكيف تقيم أفكار شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد والانطباع الذي تركه على العالم ؟

لم يغفل الرئيس الصيني التحديات والتهديدات التي تواجه آسيا اليوم ، بالرغم من التقدم الاقتصادي الذي أنجزته ، حيث أكد أن تسوية الخلافات والنزاعات بين الدول الآسيوية لابد أن يتم عبر التشاور والتفاوض ، وكما يقول المثل الصيني الانساني الذكي يغير طريقه مع تغير الظروف ، والحكيم ويَّعدل أسلوبه مع تقلب الأزمنة ، ولا يمكن لأحد أن يعيش في القرن الـ21 بالأفكار البالية والعتيقة التي تعود إلي عصر الحرب الباردة ، ومن هنا تكشف فصول الكتاب ( حول الحكم والادارة ) عن بعض السمات الخاصة للرئيس الصيني شي جين بينغ ، منها رؤيته الواسعة وتصميمه الكبير وروحه الريادية ومعرفته العميقة ، كما تتناول آراءه حول السياسة والاقتصاد والمجتمع والشئون العسكرية والعلاقات الخارجية ، وأيضا المجالات الثقافية والحياة.

ولقد أظهرت أحاديث وكلمات الرئيس الصيني التي تضمنها الكتاب خبرة كبيرة في إدارة شئون البلاد ، بفضل تدرجه في صفوف الحزب الشيوعي الصيني من المستوي القاعدي حتى أصبح رئيساً للصين وأميناً عاماً للحزب.

ويكشف الكتاب بخبرة وموضوعية متناهية قدرة الرئيس شي على التحليل ونفاذ البصيرة وتأكيده وتمسكه منذ بداية توليه منصبه بمفهوم " الاشتراكية ذات الخصائص الصينية " وأهميتها في تحقيق تنمية الصين ، نظراً لارتباط تلك المفاهيم بمسيرة جمهورية الصين الشعبية منذ تأسيسها عام 1949، وكونها جزءاً لا يتجزأ من تطور الأمة الصينية ، ويجيب الكتاب عن التساؤلات المتعلقة بالاتجاه العام للتنمية في الصين ، من خلال كلمات شي حول المصالح البعيدة المدي للشعب الصيني ، وتعميق الإصلاحات ، وتحقيق حلم الصين للنهضة العظيمة للأمة الصينية ، وتجديد شباب الأمة ، وتحقيق السعادة للشعب الصيني ، ودفع تحديث نظام الحكم الصيني ، كما يوضح الكتاب رؤية الرئيس الصيني للعلاقة بين الإصلاح والتنمية والاستقرار ، وبين إصلاح الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وعلاقة الحكومة المركزية بالقواعد ، والارتباط بين الشؤون الداخلية والعلاقات الخارجية ، لقد استطاع الرئيس الصيني أن يري العالم من منظور الصين ، وأن يري الصين في نظر العالم ، وتحقق ذلك من خلال زياراته الخارجية لأكثر من 100 دولة ، حيث أكسبته رؤية دولية واسعة وفهماً دقيقاً للتوجه الدولي في الصين ، وهو ما دفعه للتأكيد علي أهمية إسهامات الصين الدولية ودور بلدان العالم في بناء مجتمع ذو مصير مشترك ، ويعرض الكتاب رؤية الرئيس الصيني لأوضاع العلاقات بين الصين ودول العالم.

طرح الرئيس شي جين بينغ العديد من المفاهيم المهمة حول الحوكمة العالمية ، مثلاً مبادرة الحزام والطريق ، ومجتمع مصير مشترك للبشرية ، ومبادرة التنمية العالمية. ما هو تقييمكم لهذه المفاهيم ، ما هي المساهمة التي تعتقد أن الصين قدمتها للسلام والتنمية في العالم ، وما هي أهمية خطة الصين للحوكمة العالمية ؟

كشفت طروحات شي جين بينغ حول حوكمة الصين في كافة أنحاء العالم  أسرار شعبيته الواسعة ، وتركت أثراً عميقاً على العالم ، ومن المعروف أن كتاب الرئيس الصيني حول الحوكمة ، الذي يضم 79 فصلاً من خطب وحوارات ورسائل ألقاها منذ انتخابه أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني منذ عام 2012 إلى يونيو 2014، هو نافذة على القيادة الصينية ومفتاح لنجاح تنمية الصين.

وفي الوقت الذي تتصارع فيه الدول حول إصلاح الحوكمة العالمية ، تتمسك الصين بمسار أكثر انفتاحاً وشمولاً ، ما يلبي دعوة التاريخ ويتفق مع الرأي العام الدولي ، وهناك سبب مهم وراء الدعم العالمي المتنامي لمبادرات الصين والاهتمام العالمي الدائم بكتاب الرئيس شي.

ويكمن هنا بكل تأكيد دور ومسؤولية الصين في عملية بناء رابطة المصير المشترك ، حيث وجه شي جين بينغ دعوة لبناء رابطة المصير المشترك للبشرية ، قال فيها : " إن الصينيين يدعون دائماً إلى أن العالم موحد وأننا أسرة واحدة ، الشعب الصيني لا يأمل في حياة رغيدة لنفسه فقط ، وإنما يأمل في حياة سعيدة لجميع شعوب العالم ، إنني أدعو بصدق إلى جمع جهود المجتمع الدولي لجعل الكرة الأرضية أكثر سلماً وازدهاراً على أساس مفهوم رابطة المصير المشترك للبشرية " .

وطرح الرئيس شي سلسلة من الأفكار والآراء الجديدة لشرح مفهوم رابطة المصير المشترك للبشرية بشكل شامل ومنهجي ، الأمر الذي نال اعترافاً وتقديراً واسعاً من المجتمع الدولي ، ففي العاشر من فبراير 2017 ، سُجل مفهوم بناء " رابطة المصير المشترك للبشرية " لأول مرة في قرار الأمم المتحدة ، وفي السابع عشر من مارس ، أجازت الدول الأعضاء الخمس عشرة بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2344 بشأن قضية أفغانستان ، حيث أُدرجت " رابطة المصير المشترك للبشرية " في نص القرار مرة أخرى ، ودعا القرار إلى تعزيز التعاون الإقليمي من خلال بناء " الحزام والطريق " ، وأكد على دفع التعاون الإقليمي انطلاقاً من روح التعاون والفوز المشترك للأمن والاستقرار والتنمية في أفغانستان والمنطقة بشكل فعال ، وبناء رابطة المصير المشترك للبشرية.

 إن ذلك لا يجسد التوافق المشترك للمجتمع الدولي فحسب ، وإنما أيضا يبرز النظرة البعيدة والمسؤولية التاريخية لقادة الصين في مواجهة المستقبل ، ويوضح المساهمات الهامة للمفاهيم الصينية والمشروعات الصينية في حوكمة العالم ، وغنى عن القول إن العالم تواجهه تحديات عديدة في الوقت الراهن ، وأن البشرية اليوم تعيش في عصر تزداد فيه المخاطر ، فنمو الاقتصاد العالمي يفتقر إلى قوة دافعة ، وتأثيرات الأزمة المالية مازالت باقية ، وفجوة التنمية تتوسع يوما بعد يوم ، والتحديات غير التقليدية للأمن مثل الإرهاب وأزمة اللاجئين والأوبئة وتغير المناخ وغيرها تتعاظم.

الصين تتمسك بالنظام المتعدد الأطراف الذي يتخذ الأمم المتحدة محوراً له ، وتتمسك بالنظام العالمي للتجارة الحرة ، وتعمل على بذل الجهود مع الدول المختلفة من أجل تحقيق إعادة التوازن لعملية العولمة الاقتصادية وإرشاد تطور نظام الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر عدالة ومعقولية ، وتعتبر مبادرة " الحزام والطريق "  التي طرحها الرئيس شي منتجاً عاماً هاماً طرحته الحكومة الصينية ، من أجل دفع التعاون الدولي والحوكمة العالمية ، وهي تطبيق هام للصين في بناء الشراكة.

 وتتمسك مبادرة " الحزام والطريق " بمبدأ التشاور المشترك والبناء المشترك والاستفادة المشتركة ، وتدفع الدول الواقعة على طول " الحزام والطريق " والدول المعنية للبحث عن تكامل التفوقات وتضييق فجوة التنمية والإسراع في عملية التكامل الإقليمي وتحقيق التنمية المشتركة والازدهار المشترك ، من خلال التواصل في السياسات وترابط المنشآت وتيسير التجارة وتيسير التمويل والترابط بين قلوب الشعوب ، وتربط مبادرة " الحزام والطريق " تنمية الصين بتنمية الدول المعنية ربطاً وثيقاً ، الأمر الذي يجسد قوتها الحيوية الكبيرة وشمولها الواسع.

 أما ما يتعلق ببناء رابطة المصير المشترك للبشرية ، فيعد الفحوى الجوهري لمبادرة " الحزام والطريق " ، ويعني بذل أقصى الجهود للبحث عن سبيل جديد لتجنب الانقسام والمجابهة في المجتمع الدولي كما حدث في فترة الحرب الباردة ، وتحقيق الاندماج والاعتماد المتبادل للاقتصاد ، مما يقلل خطر المجابهة بين الدول.

كيف ترى تنمية الصين ؟ وتتمسك الصين بطريقة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وحققت نجاحاً في سيرها ، في اعتقادكم ما  تنويره لدول العالم ؟ هذا العام هو عام مهم بالنسبة للصين لتحقيق هدفها المئوي الثاني ، فالمؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني على وشك الانعقاد ، وسيكون له تأثير كبير على الصين والعالم . ما هي توقعاتكم في المؤتمر وفي التنمية المستقبلية للصين ؟

من خلال الممارسات العظيمة ، تم تحديد الموقع التاريخي الجديد لتنمية الصين ، إذ دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد بعد الكفاح والجهود الدؤوبة منذ تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح ، وشهد التناقض الاجتماعي الأساسي تحولاً جديداً ، وحدد الحزب الشيوعي الصيني هدفاً جديداً لبناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة قوية ومزدهرة وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة وجميلة ، على مرحلتين ، وهذه التغيرات الجديدة تندرج ضمن أفكار شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد.

ومنذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني ، طرح الحزب تحقيق " أهداف المئويتين وحلم الصين " وفقاً لتيار تطور العالم وموقع الصين التاريخي ، مما يعكس ثقة أعضاء الحزب الشيوعي الصيني في البناء الذاتي وحزمهم في تعزيز البناء الذاتي.

كان ولا يزال الحزب الشيوعي الصيني يتمسك بإدارة الحزب بانضباط صارم على نحو شامل ، وفي ظل التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر الوطني العام العشرون للحزب في النصف الثاني لهذا العام 2022 فإننا نترقب عقد هذا المؤتمر لما يتمتع به الحزب الشيوعي الصيني من دور قيادي مؤثر وهام على الصعيد الوطني وعلى الصعيد الدولي ، ونحن في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني كأصدقاء للحزب ومعنا كافة أحزاب العالم ننتظر انعقاد هذا المؤتمر كمحطة هامة في حياة الحزب ، حيث انعقدت الدورة الكاملة السادسة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني ببكين خلال الفترة ما بين 8 و11 نوفمبر 2021 ، وهي بمثابة اجتماع هام يوجه تنمية الصين في لحظة تاريخية حاسمة ، وقد أُجيز في الدورة الكاملة قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حول المنجزات المهمة والتجارب التاريخية في كفاح الحزب الممتد لمائة عام ، مما يلخص المنجزات المهمة والتجارب التاريخية في كفاح الحزب الممتد لمائة عام بشكل كامل ، ويأتي إقرار الحزب حول مكانة الرفيق شي جين بينغ باعتباره نواةً للجنة الحزب المركزية وللحزب كله ، ومكانة أفكار شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد بوصفها مرشداً ، حيث قررت الدورة الكاملة عقد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني في النصف الثاني من عام 2022 ببكين ، ونرى أهمية الدور التاريخي لمؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في مسيرته الجديدة التي يقود الشعب الصيني فيها نحو أهداف الكفاح عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية ، وارتباط ذلك بأهداف استراتيجية تسعى لتحقيق سعادة الشعب الصيني والنهضة العظيمة للأمة الصينية الى جانب السعي الجدي نحو تقدم البشرية والتناغم العالمي أيضا ، وظل يتمسك بوضع العالم ككل في اعتباره ، ويفهم العلاقة مع العالم الخارجي ويتعامل معها بطريقة صحيحة انطلاقاً من التيار الشامل لتنمية البشرية والنمط العام للتغيرات العالمية والتاريخ الطويل لتطور الصين.