2024-04-19 الساعة: 09:51:48 (بتوقيت القدس الشريف)

الدورة الثالثة عشرة دورة استثنائية

عقد المجلس المركزي الفلسطيني دورته الاستثنائية برئاسة الأخ سليم الزعنون )رئيس المجلس الوطني الفلسطيني(، بتاريخ 27/4/1999م في  مدينة غزة.

وفي نهاية دورته أصدر المجلس المركزي البيان التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

عقد المجلس المركزي سلسلة من الاجتماعات في إطار دورته الاستثنائية التي بدأت يوم السابع والعشرين من شهر نيسان الجاري 27/4/1999م.  وقد استمع المجلس إلى تقرير شامل قدمه السيد الرئيس عرفات، تناول فيه الوضع السياسي من مختلف جوانبه، والمهمات الرئيسة  المطروحة على الساحة الفلسطينية، وفي مقدمتها استكمال بناء دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وتطرق السيد الرئيس إلى عملية السلام على المسار الفلسطيني والمسارات العربية الأخرى التي انطلقت في مؤتمر مدريد على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن 242 و 338 و 425، مؤكدًا أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل مسؤولية الجمود الكامل الذي وصلت إليه هذه العملية من خلال تراجعها عن الالتزامات التي وقعت عليها، وانتهاجها سياسة عدوانية تستهدف الشعب الفلسطيني وأرضه وحقوقه، ضاربة عرض الحائط بكل الاتفاقات والمواثيق والأعراف، ومتجاهلة الإجماع العالمي على حقوق الشعب الفلسطيني كأساس لعملية السلام وشرط رئيس من شروط تقدمها ونجاحها واستقرار الوضع في المنطقة.

وبعد الاستماع إلى تقارير القيادة السياسية حول الموقف السياسي، ناقش أعضاء المجلس وفي جو تسوده روح الديمقراطية والمسؤولية جميع الخيارات التي يتعين اعتمادها في هذه الظروف الهامة؛ وظهر إجماع كامل على أن دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف هي حقيقة قائمة على أساس الحق الطبيعي للشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وعلى أساس قرار الجمعية العامة 181 لعام 1947م، وإعلان الاستقلال لعام 1988م، وأن الشعب الفلسطيني، بتضحياته واستمرار صموده ونضاله، هو صانع هذه الدولة في الأساس وهو صاحب قرارها، وأن منظمة التحرير الفلسطينية بمؤسساتها الوطنية والديمقراطية، هي المرجع الأعلى لهذا القرار الوطني، غير القابل للتفاوض أو النقض.

كما أجمع المجلس على أن السياسة الإسرائيلية الراهنة القائمة على الاستطيان والتوسع والتنكر لعملية السلام وتجميدها، وانتهاك الحقوق الوطنية والإنسانية للشعب الفلسطيني، لن تنال من تصميم شعبنا على بلوغ حقوقه ولن تثني القوى السياسية الفلسطينية بمختلف اجتهاداتها عن مواجهة هذه السياسة، وحشد كل الإمكانات السياسية والشعبية للحفاظ على الأرض الفلسطينية والإنسان الفلسطيني والحق الفلسطيني، على أساس راسخ من الوحدة الوطنية والنضال العادل والمشروع لبلوغ الهدف الوطني الواحد، هدف إنهاء الاحتلال وتقرير المصير وقيام الدولة وحل قضية اللاجئين على أساس قرار 194 وقرارات الشرعية الدولية.

وفي هذا المجال ثمن أعضاء المجلس المركزي حضور الإخوة في حركتي حماس والجهاد اجتماعات المجلس، وتأكيدهم أن هذه المبادرة هي رسالة واضحة بأن شعبنا متحد في مواجهة الظروف الصعبة، وأن الرهان على فرقته هو رهان خاسر.

وأجمع المجلس على أن الشعب الفلسطيني لن يتراجع عن خيار السلام، كخيار استراتيجي أيدته دول العالم بأسرها، ودعمته وأكدت عليه كركيزة من ركائز الاستقرار الإقليمي والدولي.

وقد ثمن المجلس عاليًا مواقف الدول العربية الشقيقة والإسلامية والأفريقية ودول عدم الانحياز وروسيا والصين ودول أوروبية وأمريكية لاتينية أخرى، التي كانت السباقة في الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وثمن المجلس كذلك مواقف الاتحاد الأوروبي والنرويج واليابان وكندا التي دعمت عملية السلام وأعلنت اعترافها بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بما في ذلك إقامة دولته باعتبارها حقا مشروعاً غير مشروط وغير قابل للنقض، والتي اقترنت كذلك بموقف متميز من قضية القدس والسيادة عليها.

واستقبل المجلس باهتمام كبير رسالة الرئيس بيل كلينتون التي أكد فيها التزام الولايات المتحدة الأمريكية بتحقيق أهداف عملية السلام، متمثلة بتطبيق قراري 242 و 338، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ودعمه لتطلعات الشعب الفلسطيني في العيش حرا على أرضه، وكذلك اعتبار الاستيطان عاملًا مدمرًا لعملية السلام.

وأثنى المجلس على التحرك الواسع والجهد الدؤوب والفعال الذي بذله السيد الرئيس ياسر عرفات على الصعيد العربي والدولي، والذي أثمر تطورًا نوعيًا في مواقف جميع دول العالم تجاه الدولة الفلسطينية ومزيدًا من تثبيت شرعيتها الدولية وتطوير علاقاتها الراهنة والمستقبلية.

لقد أولى المجلس اهتمامًا كبيرًا لمرور السنوات الخمس المحددة في الاتفاق للمرحلة الانتقالية دون إنجاز متطلبات هذه المرحلة؛ وفي مقدمتها الانسحاب الإسرائيلي من الأرض، ودون إنجاز الحل النهائي بين الطرفين؛ وكان هناك إجماعا إلى أن السبب في ذلك يعود أساسًا لسياسات ومواقف الجانب الإسرائيلي الذي يتحمل المسؤولية الكاملة عن تجميده لعملية السلام.

ولذلك فإن المجلس المركزي يطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة وخاصة الدول الراعية والموقعة على الاتفاقيات بالعمل لإلزام إسرائيل على تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها وفقًا للاتفاقيات المبرمة بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية؛ وبما يؤدي إلى تنفيذ قراري مجلس الأمن 242 و 338، وبقية قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وفي نهاية الجلسات التي عقدها المجلس على مدى ثلاثة أيام قرر المجلس ما يلي:

أولا: اعتبار اجتماعات الدورة الحالية للمجلس مفتوحة؛ على أن يعود إلى الانعقاد في جلسة عامة خلال شهر حزيران القادم.

ثانيا: المضي قدمًا في اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة لاستكمال عناصر الدولة ومؤسساتها، وتكريس سيادتها، من خلال تشكيل عدد من لجان العمل بما في ذلك اللجنة الخاصة لوضع مشروع دستور الدولة.  وفي هذا الصدد، يرحب المجلس باستجابة الأمين العام لجامعة الدول العربية د. عصمت عبد المجيد للطلب الفلسطيني لتشكيل لجنة عربية عليا برئاسته للمساعدة في صياغة مشروع الدستور.

ثالثا: يكلف المجلس المركزي اللجنة التنفيذية بدراسة رسائل الدول الراعية والتعامل معها بما يحقق المصالح العليا للشعب الفلسطيني.

رابعا: يؤكد المجلس الأهمية المركزية لمدينة القدس، وأن جميع الاجراءات والترتيبات التي قامت وتقوم بها إسرائيل كقوة احتلال في القدس وغيرها، هي إجراءات لاغية وباطلة وغير شرعية ويجب التوقف عنها والتراجع عن نتائجها، وفي هذا المجال يؤكد المجلس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ويقدر عاليًا موقف الاتحاد الأوروبي الأخير حول القدس؛ ويثمن كذلك المواقف الثابتة للدول العربية والإسلامية وعدم الانحياز تجاه القدس.

خامسا: يدعو المجلس قوى شعبنا إلى التصدي بجميع الطاقات الوطنية لسياسة الاستيطان وسلب الأراضي وهدم البيوت والطرق الالتفافية وأعمال التهويد العنصرية الجارية في القدس وجميع الأراضي الفلسطينية.  ويؤكد المجلس، استنادًا للقانون الدولي ولقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، عدم شرعية وبطلان هذه السياسات والممارسات العدوانية.  ويكلف المجلس اللجنة التنفيذية باتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة هذا الخطر.  وفي السياق يرحب المجلس بعقد مؤتمر الأطراف المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة في 15/7/99 ويدعوه إلى اتخاذ الإجراءات المقرة في الاتفاقية لإلزام إسرائيل بتنفيذها على الأرض الفلسطينية المحتلة.

سادسا: يحيِّي المجلس صمود أسرانا ومعتقلينا الأبطال في سجون الاحتلال، ويؤكد التصميم على إطلاق سراحهم، وإنهاء معاناتهم.

سابعا: يؤكد المجلس ضرورة تعزيز مسيرة بناء الوطن وتكريس سلطة القانون والممارسة الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني.

إن المجلس المركزي يحيي صمود شعبنا العظيم، والتفافه حول قيادته الوطنية، ويدعو إلى مزيد من اليقظة والاستعداد في هذه اللحظات التاريخية من مسيرة شعبنا الكفاحية، ويؤكد بكل ثقة أن الفجر آت، والنصر آت.

بسم الله الرحمن الرحيم

( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)

صدق الله العظيم