2024-03-29 الساعة: 15:57:56 (بتوقيت القدس الشريف)

الدورة الحادية عشرة دورة عادية

عقد المجلس المركزي الفلسطيني دورة اجتماعاته العادية في الفترة من 7 إلى 10 أيار – مايو 1992م في مدينة تونس العاصمة، برئاسة سماحة الشيخ عبد الحميد السائح (رئيس المجلس الوطني الفلسطيني)، وبحضور الأخ الرئيس ياسر عرفات (رئيس دولة فلسطين، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية)؛ حيث حضر أعمال الدورة 81 عضوًا من أصل 108 أعضاء من المجلس المركزي.

وقد استهل الشيخ عبد الحميد السائح أعمال المجلس بتهنئة الأخ ياسر عرفات على نجاته من الحادث الأليم الذي تعرضت له طائرته في الصحراء الليبية ليلة الثامن من نيسان الماضي؛ ووقف أعضاء المجلس المركزي دقيقة صمت وقراءة الفاتحة إكراما وإجلالا لشهداء الثورة والانتفاضة الذين يسطرون بدمائهم ملحمة الحرية والاستقلال لشعبنا.

وأقر المجلس المركزي جدول أعماله والذي يتضمن:

1. عملية السلام.

2. دعم الانتفاضة.

3. تعزيز الوحدة الوطنية.

4. تصليب البناء الداخلي.

5. تفعيل دوائر ومؤسسات المنظمة في الخارج والداخل لتلبية متطلبات النضال الوطني.

وفي البداية استمع المجلس المركزي إلى تقرير الدائرة السياسية حول المتغيرات الإقليمية والدولية وما فرضته من تحديات على الشعب الفلسطيني؛ كما استمع المجلس إلى تقارير اللجنة العليا لمتابعة المفاوضات التي تناولت الجوانب المختلفة للموقف الفلسطيني في المفاوضات الجارية.

وفي النهاية، استمع المجلس إلى تقرير الانتفاضة الذي ركز على مركزية الانتفاضة في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، والنضال العنيد الذي يخوضه شعبنا على كافة الجبهات.

وفي جلسة النقاش العام التي أعقبت تقديم تقارير اللجنة التنفيذية، تحدث العديد من أعضاء المجلس على مدى جلسات طويلة للمجلس، وبصورة مستفيضة، حول العملية السياسية ومؤتمر السلام، والتعنت الإسرائيلي، ووقف المستوطنات، والدور الأمريكي، والتنسيق العربي، والمفاوضات الثنائية والمتعددة.

وقد أجمع أعضاء المجلس على دعم الانتفاضة بكل السبل وبكل الإمكانيات المتوفرة وتعزيز الوحدة الوطنية والالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني).

وفي ضوء التقارير المقدمة من اللجنة التنفيذية للمنظمة ومداخلات الإخوة الأعضاء، أصدر المجلس المركزي البيان التالي:

إن المجلس المركزي يحيِّي من الأعماق جماهير الانتفاضة، جماهير شعبنا الفلسطيني البطل، في صموده المنقطع النظير في وجه الاحتلال الصهيوني الاستيطاني، ويؤكد المجلس المركزي لأبناء شعبنا أن منظمة التحرير الفلسطينية عاقدة العزم على توفير كل الدعم والإسناد للانتفاضة الوطنية الكبرى وللشعب الذي يصنع أسطورة الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي بصموده الرائع في وجه المخططات الإسرائيلية وفي إصراره على انتزاع حريته واستقلاله وبناء دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض وطنه.

إن المجلس المركزي، والذي اتخذ قراره قبل خمسة أشهر بالمشاركة في عملية السلام وبالتعامل الإيجابي مع الجهود الدولية، يقدر عاليًا الدور النضالي الذي يضطلع به الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات السلام.  إن وفدنا الفلسطيني قد قلب حسابات العدو ومن يقف وراءه رأسا على عقب، ووقف مدافعًا عن وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، مؤكدًا الثوابت الوطنية وقرارات المجلس الوطني في جميع الجولات التفاوضية وفي اللقاءات الرسمية مع الجانب الأمريكي والروسي وغيرهما.

رغم الظروف المعقدة والصعبة التي يواجهها وفدنا في ساحة المعركة السياسية ودوره في التعامل معها، فقد برهن للجميع على عمق الالتزام الوطني والتمسك المطلق بوحدة تمثيله وبأهداف شعبنا في الحرية والاستقلال والعودة.

إن الشروط المجحفة التي فرضتها علينا المتغيرات الإقليمية والدولية لم تمنع الوفد الفلسطيني من التعبير عن طموحات وآمال وأهداف جماهيرنا في الداخل والخارج والقدس، وقد جسدت القدس عاصمة دولتنا المستقلة مكان القلب في مواقف الوفد وطروحاته ومسجلاته ما فوت على العدو محاولاته المسمومة لتغييب القدس تمثيلًا وموضوعًا عن مفاوضات السلام.

وفي ضوء هذه المواقف الوطنية الأصيلة التي عبر عنها الوفد الفلسطيني، وفد المنظمة ووفد الشعب فإن المجلس المركزي يتقدم بالتهنئة الحارة لوفدنا الفلسطيني لدوره الوطني البارز ولأدائه الرائع في مدريد وفي واشنطن؛ دفاعًا عن الحق الفلسطيني؛ ويدعو جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج إلى دعم الوفد الفلسطيني في كل المحافل، وعلى جميع المستويات؛ وإن أهدافنا في العودة والحرية والاستقلال ووقف الاستيطان وتطبيق مواثيق جنيف واندحار قوات الاحتلال وإجراء الانتخابات العامة على مستوى الوطن بديلًا لسلطة الاحتلال وحكومته العسكرية هي الأهداف الانتقالية التي يلتف حولها شعبنا ويحملها الوفد الفلسطيني إلى مائدة المفاوضات، ولا أهداف غيرها مما يروج له العدو الإسرائيلي لضرب وحدتنا الوطنية وتفتيت صفوفنا.

وانطلاقًا من قرارات المجلس الوطني ومن ثوابتنا الوطنية يؤكد المجلس المركزي على الآتي:

أولا: إن المبادرة الفلسطينية التي أعلنها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة عشرة في عام 1988م هي الأساس الذي ننطلق منه في تعاملنا مع مسيرة السلام؛ وإن الهدف المركزي لشعبنا هو تجسيد قيام دولة فلسطين، وعاصمتها القدس، على أرض فلسطين، وتمكين شعبنا من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير والعودة إلى أرض وطنه.

ثانيا: إن المجلس المركزي يؤكد تمسكه بمبدأ "الأرض مقابل السلام"، وبالفهم الدولي والعربي لقرار مجلس الأمن رقم 242 و 338 والذي يقوم على عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة والعدوان، والمجلس يرفض الفهم الإسرائيلي المشوه للقرار الأممي المذكور؛ ويؤكد أن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة في عدوان 1967م، والمتمثلة بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشريف وهضبة الجولان وجنوب لبنان هو التجسيد الوحيد لقرار 242 ولكافة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة؛ أما الدعوات الإسرائيلية إلى السلام مقابل السلام؛ فبالإضافة إلى رفضنا القاطع لها، فإنها تدفع المنطقة إلى حافة الحرب، وتنسف الاستقرار الذي يسعى المجتمع الدولي لتأمينه على أساس العدالة والشرعية الدولية وتحقيق الحقوق السياسية الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

ثالثا: يؤكد المجلس المركزي ضرورة تأمين الحماية الدولية وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م ومعاهدة لاهاي لعام 1907م، ووقف كافة ممارسات إسرائيل الإرهابية ضد شعبنا ومعتقلينا في الأراضي المحتلة، ووقف مصادرة الأملاك والأوقاف الإسلامية والمسيحية، ومحاولة تغيير معالمها؛ ووقف انتهاك الأماكن المقدسة المستمر، ووقف الحفريات والعبث بها الذي يعرض هذه المقدسات للخطر؛ باعتبارها متطلبات مهمة وأساسية لخلق الظروف المناسبة لاستمرار المفاوضات.

رابعاً: إن وقف النشاط الاستيطاني لكونه غير شرعي، ويتنافى مع قرارات الشرعية الدولية ومواثيقها هو الخطوة الرئيسة لنجاح عملية المفاوضات؛ ولا يمكن الانتقال إلى معالجة أية قضية جوهرية قبل وقف الاستيطان؛ فمصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات لاسكان المجاهرين اليهود إنما الهدف منه نسف عملية السلام من الأساس. ويؤكد المجلس المركزي أن وقف الاستطيان يشكل حجر الزاوية في مسيرة السلام كلها؛ فإما السلام وإما الاستطيان والاحتلال؛ ولا مجال لأية مناورات للقفز فوق هذه الحقيقة؛ لذا يجب أن يكون معروفًا للجميع، وخاصة لراعيي مؤتمر السلام أن موقفنا من الاستطيان هو موقف مبدئي لا رجعة عنه، تمليه مصالح شعبنا وأمتنا؛ فلا سلام ولا استقرار في ظل الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية والعربية واستمرار احتلالها والعبث بمقدساتنا الإسلامية والمسيحية.

خامسا: إن المجلس المركزي يدعو الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين واليابان ودول المجموعة الاوروبية والدول الأخرى المعنية إلى ممارسة دورها لإنجاح مسيرة السلام في الشرق الأوسط، وهذا يتطلب عدم إعطاء أية ضمانات قروض أو مساعدات اقتصادية للعدو الإسرائيلي لبناء المزيد من المستوطنات ولاستمرار الاحتلال؛ لأن هذه القروض والمساعدات إنما توظفها حكومة العدو لتدمير عملية السلام من أساسها؛ وإن الولايات المتحدة التي ربطت إعطاء ضمانات القروض بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة مدعوة، من أجل نجاح جهودها في تحقيق السلام، إلى ممارسة مزيد من الضغوط الحقيقية على إسرائيل لوقف الاستيطان والانسحاب من الأرض الفلسطينية، والى الاعتراف بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني تنفيذًا لقرارات الشرعية الدولية.

سادسا: إن المجلس المركزي يرفض، مجددًا رفضًا قاطعًا ونهائيًا، قرار العدو الإسرائيلي بضم القدس إلى الكيان الإسرائيلي؛ فالقدس عاصمة الدولة الفلسطينية، جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، وينطبق عليها ما ينطبق على هذه الأراضي التي احتلها العدو الإسرائيلي في عدوانه عام 1967م.

سابعا: إن المجلس المركزي يعتبر أن المرحلة الانتقالية، بحكم طبيعتها واستنادًا إلى كتاب الضمانات، ونص الدعوة ، والمشروع الذي قدمه الوفد الفلسطيني داخل المفاوضات- هي مرحلة مؤقتة ومحدودة يجري من خلالها نقل السلطة من حكومة الاحتلال وإدارته المدنية إلى الشعب الفلسطيني تحت الإشراف الدولي والحماية الدولية، ولفتح الطريق أمام شعبنا لممارسة حقه في تقرير مصيره بالطريقة الديمقراطية؛ بعيدًا عن الاحتلال والقمع والاستيطان والعدوان وجرائم حقوق الإنسان؛ فالفترة الانتقالية ليست إلا محطة توقف قصيرة محدودة على طريق الاستقلال الوطني يتم فيها زوال الاحتلال والانسحاب التام لقواته من الأرض الفلسطينية وتمكين شعبنا من حقه الديمقراطي، بانتخاب ممثليه إلى المجلس التشريعي، وقيام الحكومة الفلسطينية المؤقتة على أرض الوطن، وفي القدس عاصمة دولة فلسطين المستقلة.

ثامنا: إن المجلس المركزي، وبعد اطلاعه على سير المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، يدين المواقف والممارسات الإسرائيلية المتكررة التي لازالت تنتهك باستمرار الشرعية الدولية وقراراتها.  ويدعو المجلس المركزي راعيي المؤتمر إلى التدخل العاجل لإنقاذ المفاوضات من الفشل بسبب التعنت الإسرائيلي؛ فالوقت يمضي، والعدو الإسرائيلي يواصل استيطانه واحتلاله وإرهابه وجرائمه وتحديه لقرارات الشرعية الدولية؛   وسيعود المجلس المركزي إلى مراجعة الموقف من العملية التفاوضية برمتها في حال مرور المدة المقررة لإنجاز ترتيبات الفترة الانتقالية – وهي عام واحد – دون تحقيق تقدم ملموس يضع حدا للاحتلال الإسرائيلي والعودة بها إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.

تاسعا: توقف المجلس المركزي عند مسألة الانتخابات البلدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي دعت لإجرائها سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا؛ بعد أن كانت قد عطلت إجراءاها لأكثر من عشر سنوات، وأدخلت العديد من التغييرات على القوانين ذات العلاقة لتقليص صلاحيات المجالس البلدية؛ كما قامت باعتقال وطرد واغتيال العديد من رؤساء البلديات وأعضائها.

إن المجلس المركزي إذ يؤكد موقفه المبدئي الثابت بتأييد ودعم كل ممارسة ديمقراطية لشعبنا؛ باعتبارها حقًا طبيعيًا له؛ إلا أنه يرى أن توقيت هذه الدعوة، الآن بالذات، وبعد أن طرح وفدنا مشروع انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني ونقل السلطة إليه، فإن المشروع الإسرائيلي إنما يقصد منه التمهيد لإقامة مجلس الحكم الذاتي – الإداري، وفق "خطة شامير" إلى جانب أهداف الاحتلال الأخرى المكشوفة والمشبوهة والمعروفة، وعليه فإن المجلس المركزي يؤكد بأن الانتخابات البلدية يجب أن تتم بعد انتخابات المجلس التشريعي، ونقل السلطة وفق القانون الفلسطيني وليس قانون الاحتلال.

عاشرا: يؤكد المجلس المركزي ثقته التامة بالوفد الفلسطيني إلى مفاوضات السلام، والذي جسد التزامه بالثوابت الوطنية وبقرارات مجلسنا الوطني وبالمبادرة الفلسطينية وبإعلان الاستقلال؛  كما يدعو إلى مساندة الوفد الفلسطيني وإلى تأمين الإمكانيات التي تطور دوره وفاعليته.

حادي عشر: يؤكد المجلس المركزي ضرورة تثبيت حق منظمة التحرير الفلسطينية في تشكيل الوفود الفلسطينية من الداخل والخارج والقدس خلال عملية السلام، ووفق قرارات المجلس الوطني.

ثاني عشر: إن المشاركة الفلسطينية في مؤتمر السلام بشقيه الثنائي والمتعدد إنما تهدف إلى تأمين إحقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتوفير أوسع دعم دولي لشعبنا في كفاحه ضد الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا؛ وعلى هذا الأساس، فإن المشاركة الفلسطينية في المفاوضات المتعددة الأطراف، حيث تشارك فيها أربعون دولة؛ إنما تقوم على وحدة الشعب الفلسطيني والسعي الدائب من خلال هذه المفاوضات لإسقاط الشروط الإسرائيلية التي تنال من دور شعبنا ومن حقوقنا الوطنية الراسخة.

والمجلس المركزي، وهو يتعامل إيجابيًا مع العملية السياسية بشقيها الثنائي والمتعدد، يعتبر الاستجابة الدولية لوحدة التمثيل الفللسطيني في الداخل والخارج في لجنة التنمية ولجنة اللاجئين، إنما هي مقدمة ومؤشر للاعتراف الدولي الكامل بمشاركة ممثلي الشعب الفلسطيني في جميع اللجان المنبثقة عن المؤتمر المتعدد الأطراف.

إن المجلس المركزي يدعو اللجنة التنفيذية إلى التمسك خلال مجمل العملية السياسية بالأهداف والأسس التي حددها المجلس الوطني للمشاركة في العملية التفاوضية وصولًا إلى الإقرار الإسرائيلي والعالمي بحقوقنا الوطنية الثابتة، وطبقًا للشرعية الدولية، وبمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني.

ثالث عشر: إن المجلس المركزي يؤكد الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية ويدعو اللجنة إلى العمل الحثيث لرص الصفوف وتوحيد القوى والفصائل وتكريس الجهد والوقت لتعزيز وحدتنا الوطنية، سلاحنا الأقوى في مواجهة إسرائيل.
 إن الإجماع الوطني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى قاعدة قرارات مجلسنا الوطني، هو الأساس الصلب لوحدتنا الوطنية، وهو قوتنا الضاربة في وجه العدو الإسرائيلي؛ فلنعزز وحدتنا الوطنية في الداخل والخارج؛ ولنعزز انتفاضتنا الباسلة؛ فهما السبيل القويم أمام شعبنا لدحر الاحتلال ولرفع علم فلسطين فوق القدس.

إن المجلس المركزي يدعو جميع القوى الفلسطينية المكافحة ضد الاحتلال إلى أخذ موقعها تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، وفي رحاب وحدتنا الوطنية على الأسس الجبهوية والديمقراطية؛ فالتحدي التاريخي يفرض علينا الوحدة الراسخة بين السواعد والصفوف في مواجهة العدو الإسرائيلي المحتل.

ويدعو المجلس المركزي اللجنة التنفيذية إلى متابعة العمل لتعزيز الوحدة الوطنية والاتصال بجميع القوى الفلسطينية حيثما وجدت، من أجل حماية وحدة شعبنا وتصليب جبهتنا ضد العدو الإسرائيلي.

1- الوضع العربي:

يحيِّي المجلس المركزي الجهود الفلسطينية والعربية المتواصلة لإحياء التضامن العربي بين الأشقاء العرب.  ويدعو المجلس المركزي – بكل إخلاص – إلى طي صفحة الماضي بآلامه وجراحه بين الجميع؛ وفتح صفحة جديدة في العلاقات العربية لصون وحدة أمتنا وسط الأمواج الدولية المتلاطمة من حولنا.  وفي هذا السياق يعبر المجلس الوطني عن:

أ- التضامن العميق مع الشعب العراقي وأبنائه في مواجهة الحصار المفروض على العراق، ويهيب بالأمة العربية أن تهب لمساعدة شعب وأبناء العراق في هذه المحنة القاسية التي يتعرض لها شعب عربي وقف ويقف دائمًا إلى جانب أشقائه في السراء والضراء.

ب- يعبر المجلس عن تضامنه مع ليبيا الشقيقة في مواجهة الحملة الظالمة، والتي أدت إلى فرض  الحصار الجوي على القطر الليبي الشقيق، وإن المجلس المركزي يشكر الجماهيرية الليبية وقائدها (الأخ معمر القذافي) على المجهودات التي بذلوها في محنة سقوط طائرة الأخ ياسر عرفات، وما قدمته من مساعدة ورعاية للأخ أبو عمار ولأخوته الجرحى المناضلين؛ وكذلك ما تقدمه ليبيا الشقيقة من دعم لشعبنا وانتفاضته المباركة؛ كما يتقدم بالشكر لمصر الشقيقة ورئيسها الرئيس حسني مبارك والدول الأوروبية وغيرها من الدول التي أسهمت في البحث، وفي تقديم المساعدة في هذه الحادثة.

ج- يتوجه المجلس المركزي إلى دول مجلس التعاون الخليجي بنداء عربي وفلسطيني صادق لطي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة تقوم على الأخوة العربية والإسلامية؛ فالشعب الفلسطيني تحت الاحتلال يواجه اليوم معركة مصيره وبقائه، وهو ما يؤكد أهمية الدعم والإسناد العربي، وإنها لمسؤولية قومية وإسلامية ملقاة على عاتق القادرين من أمتنا لنصرة هذا الشعب الفلسطيني المرابط في فلسطين والقدس (أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى النبي (صلى الله عليه وسلم) ومهد المسيح عليه السلام).

2- مفاوضات السلام:

لقد وافق المجلس المركزي على المشاركة في مؤتمر السلام، وعلى التعامل الإيجابي مع العملية التفاوضية بشقيها (الثنائي، والمتعدد) انطلاقًا من قرارات الشرعية الدولية، واستنادًا إلى وحدة الهدف والمصير العربي؛ فما يصيب فلسطين تمتد آثاره إلى الجسم العربي؛ وما يصيب الجسم العربي لا بد وأن يصيب فلسطين.  ومن هنا، فالمفاوضات المتعددة الأطراف يجب أن ترتبط ارتباطًا كاملًا بالمفاوضات الثنائية ونتائجها وتقدمها؛ لأن العدو الإسرائيلي يريد تطبيع علاقاته بالدول العربية دون أن يعترف بحقوق شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، ودون الانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة في عام 1967م.  ويشير المجلس في هذا الصدد إلى الرسالة الهامة التي بعث بها الأخ الرئيس ياسر عرفات إلى إخوانه الزعماء العرب لدعم الموقف الفلسطيني وتنسيق الموقف العربي في إطار المؤتمر.

إن المجلس المركزي يؤكد ضرورة الالتزام العربي في هذه المفاوضات بالأسس والأهداف التالية في إطار المؤتمر المتعدد الأطراف، وقطعًا للطريق على محاولات العدو الإسرائيلي لتحقيق التطبيع على حساب هذه الأطراف:

أولا: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة في عام 1967م بما فيها القدس الشريف.

ثانيا: تنفيذ قراري مجلس الأمن 240 و 338 وفق المفهوم والتفسير الدوليين لهما.

ثالثا: حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه السياسية والوطنية المشروعة.

رابعا: نزع أسلحة الدمار الشامل من المنطقة، وخاصة السلاح النووي الإسرائيلي.

3- العلاقات الفلسطينية – الأردنية:

يعبر المجلس المركزي عن اعتزازه بالعلاقات الخاصة المميزة التي تربط الشعبين الشقيقين الأردني والفلسطيني؛ وفي هذا المجال يؤكد المجلس المركزي تمسكه التام بقرارات مجالسنا الوطنية المتعاقبة، والتي تؤكد هذه العلاقة الخاصة والمميزة، والتي تقوم مستقبلًا على أساس كونفدرالي بين دولتي فلسطين والأردن، وبالاختيار الطوعي والحر للشعبين الشقيقين؛ ويؤكد استمرار التنسيق القائم بين الحكومة الأردنية ومنظمة التحرير وتعميقه.

ويشكر جلالة الملك حسين الذي اتصل أثناء اجتماعات المجلس بأخيه الرئيس عرفات مستفسرًا عن سير أعمال المجلس ودعمها.

4- التنسيق العربي:

يؤكد المجلس المركزي أهمية التنسيق العربي، وخاصة بين دول الطوق (مصر وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين)، ومع الدول العربية الشقيقة الأخرى؛ وذلك من أجل تعزيز الموقف العربي الموحد، ومواجهة التعنت الإسرائيلي في مسيرة السلام؛ لتأمين الحقوق الفلسطينية والعربية، وإجبار العدو على الانسحاب الكامل من جميع أراضينا المحتلة.

ويشيد المجلس بالتحسن الأمني الذي طرأ على أوضاع مخيماتنا الفلسطينية في لبنان؛ ويدعو إلى استئناف الحوار الفلسطيني اللبناني.  وبهذه المناسبة، يؤكد المجلس رفض الشعب الفلسطيني لكل أشكال التوطين والاستيطان، وأن السلام لن يتحقق في المنطقة إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل ووقف الاستيطان والهجرة.

ويعبر المجلس عن تقديره للجهود الخيرة والتبرع الكريم الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين (الملك فهد)، وكذلك الجهود الخيرة والإمكانات التي وضعها جلالة الملك حسين والرئيس حسني مبارك لإعمار قبة الصخرة المشرفة.

كما يعرب المجلس عن ألمه وشجبه لما يلقاه وما يتعرض له شعبنا الفلسطيني في الكويت بما يتنافى مع التقاليد والأعراف العربية؛ ويناشد كافة الزعماء العرب وكل الخيرين في أمتنا العربية والجامعة العربية والأمم المتحدة لحماية شعبنا الفلسطيني وحقوقه في الكويت.

وفي الختام، يتوجه المجلس المركزي بالتحية والإكبار إلى الرئيس زين العابدين بن علي وإلى الشعب التونسي الشقيق على رعايتهم واحتضانهم لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ فتحية لتونس رئيسًا وحكومة وشعبًا على ما قدموه ويقدمونه لشعبنا وقضيتنا ومقدساتنا.

بسم الله الرحمن الرحيم ((إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)) صدق الله العظيم.

تصريح رسمي صادر عن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني:

ردًا على ما يتردد في وسائل الإعلام من دوائر مشبوهة ومغرضة حول أن أموال منظمة التحرير الفلسطينية وفتح هي بتوقيع الأخ الرئيس ياسر عرفات، فقد تم التوضيح للمجلس باجتماعه يوم 9-5-1992م بما لا يدع مجالًا للشك من خلال رئيس الصندوق القومي عضو اللجنة التنفيذية عضو المجلس المركزي (الأخ جويد الغصين) وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح للشؤون المالية (رئيس مؤسسة صامد، عضو المجلس المركزي)، بأنه لا يوجد باسم الأخ أبو عمار أي حساب يوقع عليه بمفرده؛ ولا بد من توقيع أكثر من أخ مسؤول، كذلك لا يوجد باسم الأخ ياسر عرفات أي مبان أو ممتلكات منقولة أو غير منقولة أو خلاف ذلك، وأن كل ذلك باسم المؤسسات الفلسطينية والتصرف فيها يحتاج لأكثر من توقيع؛ من ضمنها توقيع الأخ ياسر عرفات، وطبقًا لقوانين منظمة التحرير الفلسطينية والمؤسسات الفلسطينية.

ونحن على يقين أن شعبنا الفلسطيني يعلم تمامًا ما هو المقصود من هذه الاتهامات الباطلة.

الأحد   10-5-1993م

بيان صادر عن المجلس المركزي

لمنظمة التحرير الفلسطينية

الذي عقد في تونس

من 7-10/5/1992م

الموافق 6 ذو القعدة 1412هـ

حتى 9 ذو القعدة 1412هـ