2024-04-23 الساعة: 10:14:41 (بتوقيت القدس الشريف)

الدورة الثامنة دورة عادية

عقد المجلس المركزي الفلسطيني دورته العادية خلال الفترة 10- 12/10/1989م في تونس.  وقد افتتح الدورة الشيخ عبد الحميد السائح (رئيس المجلس الوطني الفلسطيني)، وقد حضرها (84) عضواً.  وفي نهاية الدورة أصدر المجلس المركزي البيان التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

المجلس الوطني الفلسطيني

المجلس المركزي

بيان صادر عن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية

في الفترة ما بين العاشر والثاني عشر من شهر أكتوبر الجاري الموافق 1990 -21 -23 من شهر ربيع الأول سنة 1411هـ، عقد المجلس المركزي الفلسطيني في عاصمة الجمهورية التونسية الشقيقة، دورته العادية، برئاسة سماحة الشيخ عبد الحميد السائح (رئيس المجلس الوطني الفلسطيني)، وبحضور الأخ ياسر عرفات (رئيس دولة فلسطين) (رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية).

ووقف المجلس في بداية أعماله تحية إكبار، وقرأ الفاتحة على أرواح شهداء شعبنا وانتفاضته المباركة، وشهداء الحرم الشريف في القدس، الذين سقطوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستوطنين. وعبر المجلس عن الاعتزاز والتقدير للوقفة الشجاعة التي وقفتها الجماهير المجاهدة في القدس وفي كل وطننا المحتل، لمجابهة مؤامرة تدنيس المسجد الأقصى والاعتداء على مقدسات العرب والمسلمين، مؤكدًا أن هذا الصمود الباسل الذي يحظى بدعم ومساندة كل الشرفاء والأحرار، سوف يحبط خطط حكام إسرائيل الرامية إلى تدمير المقدسات وتغيير طابع القدس الشريف وتهويدها.

ودعا المجلس في بيانه الخاص بهذه القضية المركزية إلى اتخاذ كل الإجراءات السياسية والعملية لإسناد نضال شعبنا في القدس وسائر الوطن المحتل، ولإدانة جريمة حكام إسرائيل عالميًا، وللمطالبة بوضع أرضنا المحتلة تحت الحماية الدولية، ولكشف وتعرية الموقف الأمريكي المتواطئ مع جرائم حكام إسرائيل، والذي يعطل دور مجلس الأمن الدولي في تطبيق أحكام الشرعية الدولية وقراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية والقدس الشريف، ويمارس ضغوطًا متزايدة على مختلف الأطراف للتأثير في مسار القرارات بما يخدم إسرائيل وجرائمها واحتلالها.

واستمع المجلس إلى التقرير السياسي المهم والشامل الذي تقدم به الأخ الرئيس ياسر عرفات عن نشاط اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعن الدور الذي قامت به على مختلف الصعد الفلسطينية والعربية والدولية، وخاصة جهودها لاحتواء أزمة الخليج وحلها ضمن الإطار العربي حلًا سلميًا وسياسيًا بعيدًا عن طبول الحرب وكارثة الحرب التي لا تبقي ولا تذر؛ وإسهامها الفعال في الدفاع عن المصالح الفلسطينية والعرية، وخاصة في ظل ظروف دولية وإقليمية حملت معها متغيرات واسعة ومعقدة.  وقد توصل المجلس المركزي على ضوء مناقشاته إلى ما يلي:

1- التعبير عن الاعتزاز الكبير بصمود انتفاضة شعبنا المباركة وتواصلها، وهي تقترب من اختتام عامها الثالث؛ رغم موجات القمع والإرهاب الصهيوني، وخاصة في ظل حكومة شامير الجديدة.  وأكد المجلس ضرورة توفير كل مقومات الصمود الوطني والدعم السياسي والمادي، لمقاومة جميع  أشكال الحصار والتضييق الذي تتعرض له الانتفاضة الباسلة، وكذلك العمل بكل الوسائل والسبل على تذليل جميع الصعوبات التي تعترض مسارها، بما في ذلك قرارات الحصار المالي المفروض، من قبل بعض الدول على المنظمة وعلى الانتفاضة المباركة ضمن سياسة مبرمجة مرسومة. وحيا المجلس جماهيرنا في المثلث والجليل والساحل والنقب على وقفتها الباسلة وصمودها.

وأكد المجلس أهمية تعزيز دور القيادة الوطنية الموحدة واللجان الشعبية والهيئات المختصصة؛ وتعميق الطابع الجماهيري للانتفاضة، وتوطيد الوحدة الوطنية بين مختلف القوى والفصائل والتيارات والشخصيات الوطنية.

كما أكد المجلس أهمية رفع مستوى المساندة والدعم من جانب جماهير شعبنا خارج الوطن، ومن الأشقاء في الوطن العربي، والقوى الصديقة والمناصرة لقضية شعبنا ونضاله على نطاق العالم.  وأكد المجلس في هذا النطاق أهمية تفعيل دور الجبهة العربية المساندة للانتفاضة، تعبيرًا عن الالتزام القومي والشعبي مع نضال شعبنا الفلسطيني.

2- ودعا المجلس إلى أهمية تكثيف الجهد السياسي لكشف أبعاد ومخاطر المخطط الأميركي- الإسرائيلي الذي يحاول إبعاد الانظار عن قضية شعبنا الفلسطيني باعتبارها محور الصراع في المنطقة؛  وكذلك العمل لمواجهة هذا المخطط بالسعي الجاد مع جميع القوى الشقيقة والصديقة؛ من أجل تنشيط الجهود لعقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، وتولي مجلس الأمن الدولي دوره الفاعل في هذا الصدد بعيدا عن ضغوط الإدارة الأمريكية وتحيزها الفاضح لصالح إسرائيل؛ وذلك تنفيذا لقرارات الشرعية الدولية التي ترفض إسرائيل تنفيذها أو الالتحاق بها، وانسجامها مع مبادرة السلام الفلسطينية ومقررات الإجماع العربي.

3- وشدد المجلس على ضرورة مواصلة العمل من أجل وقف الهجرة الصهيونية لليهود من أوطانهم في الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية وغيرها، ودفعهم إلى قلب الوطن العربي في فلسطين، بمساندة وتمويل الولايات المتحدة الأميركية وأطراف دولية أخرى.  وأكد المجلس أن هذه الهجرة تشكل انتهاكًا للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وباعتبارها تمثل اعتداء على حقوق شعبنا وأرضه الوطنية؛ بل على الأمة العربية كلها.  وطالب المجلس دول العالم قاطبة أن تقوم بدورها لوضع حد لهذا الخطر الكبير الذي ينذر باندلاع حروب وصراعات دموية طويلة الأمد.  خاصة وأن الهدف من هذه الهجرة أن تشكل رأس الحربة في إقامة إسرائيل الكبرى فوق الأرض العربية.

4- وعبر المجلس عن التقدير للمواقف التي اتخذتها والدور البارز الذي قامت به قيادة المنظمة ورئيسها الأخ ياسر عرفات، منذ بداية الأزمة في الخليج، في سبيل تأمين الحل العربي وأنهاء التدخل الامريكي والاجنبي ومنع اندلاع الحرب الكارثة على أمتنا العربية كلها وعلى السلم العالمي وعلى الاقتصاد الدولي ومصالح جيع الأطراف. وأكد المجلس ان الحل المتوازن والمترابط وفق قرارات الشرعية الدولية لجميع قضايا وأزمات المنطقة هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار في الوطنية وبالنسبة للعالم.

كما وأكد المجلس أن الشرعية الدولية وحدة لا تتجزأ؛ وذلك يتطلب العمل من أجل الحل السياسي السلمي لأزمة الخليج، والبدء في ذات الوقت بالعمل الجاد لحل أزمة الشرق الأوسط، وجوهرها القضية الفلسطينية بالإضافة إلى لبنان والجولان على أساس مبادرة الرئيس صدام حسين تاريخ 12 – 18 – 1990م، من خلال المباشرة بعقد المؤتمر الدولي للسلام وفق قرارات الشرعية الدولية، وبمشاركة منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطيني.

وقدر المجلس ازدياد التفهم الدولي للموقف الفلسطيني، ولأهمية تأمين الحل السياسي المتزامن والمترابط لجميع أزمات المنطقة؛ وعبر في هذا الصدد عن التقدير الإيجابي لمبادرة الرئيس الفرنسي (ميتران)، وتجاوب العراق الشقيق معها، وكذلك المواقف السوفيتية والصينية، وقرارات المجموعة الاوروبية، والبيان الأوروبي السوفيتي، وغيرها من المواقف الدولية الأخرى التي تنسجم مع هذا الاتجاه.

وأكد المجلس وقوف شعبنا مع العراق الشقيق، ضد تهديدات الغزو والعدوان الأميركي والحصار المفروض على شعب العراق الباسل.  واعتبر المجلس أن هذه الحملة الأمريكية ضد العراق إنما تستهدف الأمة العربية بأسرها، لأنها ترمي إلى إخضاع المنطقة ونهب ثرواتها والتحكم بمصير بلدانها؛ تلك االمخططات التي بدأت عمليا قبل فترة طويلة من أحداث الخليج، بالإضافة إلى تصفية حقوقنا الوطنية والقومية، وفي مقدمتها المجلس الدول العربية، إلى العمل الحثيث لتحقيق الحل في الإطار العربي لأزمة الخليج، ورفع الغطاء عن الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة والأرض العربية؛ ضمانًا للأمن القومي العربي ومستقبل الأمة العربية ومصالح وطننا العربي الكبير.

عبر المجلس عن وقوفه إلى جانب الأردن الشقيق وتقديره للموقف الوطني والقومي الشجاع الذي يتخذه وصموده أمام الضغوط والتهديدات المتعددة.

5- واستنكر المجلس الحملات الإعلامية والسياسية الظالمة والمدسوسة والمبرمجة التي تقوم بها بعض أجهزة الاعلام ضد شعبنا الفلسطيني وقيادته؛ هذه الحملات المسعورة التي تخدم أهداف المخطط الأميركي – الإسرائيلي ضد قضيتنا وضد أمتنا العربية، وتستهدف النيل من انتصارات شعبنا وجهاده وانتفاضته المباركة.

واستنكر المجلس عمليات الإبعاد والطرد التي تقوم بها بعض دول الخليج لأبناء شعبنا دون ذنب.   ودعا المجلس إلى وقف جميع هذه الأعمال حرصًا على الأخوة التي جمعت بين شعوبنا العربية، ومن أجل تفويت الفرصة على القوى الساعية إلى إحداث الوقيعة بين العرب.

وأكد المجلس في اختتام أعماله أن الظروف باتت تستلزم البدء في الإعداد لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني؛  وقرر تكليف اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني والقيادات الفلسطينية في المجلس بالإعداد لعقد هذه الدورة.

وحيّا المجلس وحدة اليمن الشقيق، متمنيًا أن تكون هذه الخطوة المباركة، مقدمة نحو وحدة عربية شاملة؛ وواثقا من أن اليمن الواحد الموحد سيظل سندًا أساسيًا لنضال شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية.

وعبر المجلس عن امتنانه العميق لتونس الشقيقة وشعبها ورئيسها (فخامة الأخ زين العابدين بن علي)؛ لاستضافة المجلس المركزي، ولما تقدمه تونس من عطاء وبذل، ومن دعم ومساندة لقضية شعبنا وانتفاضته في جميع الميادين.

المجد والخلود لشهداء شعبنا الأبرار

النصر لثورتنا وانتفاضتنا المباركة

تونس في:  13-10-1990

المجلس المركزي الفلسطيني