2024-04-16 الساعة: 18:03:19 (بتوقيت القدس الشريف)

الدورة الرابعة دورة إستثنائية

عقد المجلس المركزي الفلسطيني دورة استثنائية في بغداد خلال الفترة من 7-9 يناير عام 1988م، برئاسة الشيخ عبد الحميد السائح (رئيس المجلس الوطني الفلسطيني)، وحضور الأخ "أبو عمار" (رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية).  وقد خصصت هذه الدورة للانتفاضة البطولية لشعبنا الصامد في أرضنا المحتلة؛ وقد حضر هذه الدورة 62 عضواً من أصل 79 عضوًا.  وفي نهاية أعمال هذه الدورة أصدر المجلس المركزي البيان التالي:

بيان سياسي

صادر عن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية

بسم الله الرحمن الرحيم

((أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير، الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق، إلا أن يقولوا ربنا الله ))

صدق الله العظيم

عقد المجلس المركزي الفلسطيني دورة استثنائية في بغداد من 7-9 يناير سنة 1988م، برئاسة الشيخ عبد الحميد السائح (رئيس المجلس الوطني الفلسطيني)، وحضور الأخ "أبو عمار" (رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية)؛ وقد خصصت هذه الدورة للانتفاضة البطولية لشعبنا الصامد في أرضنا المحتلة ومناقشة ما قامت به حتى الآن بهذا الخصوص اللجنة التنفيذية ومتطلبات خطط المرحلة المقبلة.

ولقد قدم الأخ رئيس اللجنة التنفيذية تقريرًا شاملًا للمجلس عن انتفاضة شعبنا العارمة والأوضاع بصورة تفصيلية في الوطن المحتل؛ كما قدم لها الإخوة المسؤولون عن لجان وأجهزة الأرض المحتلة تقارير مستفيضه عن تطوراتها وتصاعدها ومتطلباتها.

وقد جرت مناقشة مستفيضة للموقف، وكذلك طرحت جميع تفاصيل الخطط الاجرائية ومتطلبات تعزيز هذه الموجات من الانتفاضة المباركة والتطورات الجارية على مختلف الصعد بالنسبة لقضية شعبنا العادلة والانعكاسات الإيجابية والمصيرية لها على كل الأصعدة المحلية والعربية والدولية، وحتى في مواجهة جبهة العدو الصهيوني الفاشي وجرائمه الوحشية.

فلقد أظهرت هذه الانتفاضة العظمية الطاقات النضالية الجبارة لشعبنا الباسل في الوطن المحتل، وفجرت ينابيع العطاء كلها، باعتبارها حلقات متوجهة ومتألقة لجهاد شعبنا الوطني المستمر بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ممثله الشرعي والوحيد على  طريق الانتصار الحتمي لشعبنا لتحرير وطننا الفلسطيني من هذا الاحتلال الصهيوني والعنصري، والعودة وحق تقرير المصير، وإقامة دولتنا الفلسطينية الحرة المستقلة ولكونها تمثل بداية مرحلة جديدة في مواجهة الغزوة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية، سمتها الرئيسة المواجهة الشاملة المتصلة والمتصاعدة موجاتها حتى التحرير.  ولقد قدم شعبنا في هذه الانتفاضة الحالية العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى والآلاف من المعتقلين، ولا زال شلال الدم متدفقًا وهو يواجه ويتصدى للآلة الحربية الأمريكية الإسرائيلية بهذه العزيمة والصلابة والإيمان.

إن الانتفاضة الجماهيرية الباسلة لشعبنا الفلسطيني في الأراضي المحتلة التي صعدها شعبنا المناضل دعمًا لصمود جماهيرنا أثناء حصار المخيمات في لبنان قبل خمسة عشر شهرًا، والتي وصلت إلى ذروتها خلال هذه الانتفاضة العارمة الحالية، والتي هي نتاج استمرار النضال والصمود داخل الوطن وخارجه؛ واستمرار تلاحم شعبنا تحت الاحتلال وفي الشتات جماهير وكوادر وثواراً وقيادة في نسج ثورى وروافد متكاملة يشد بعضنا أزر بعض؛ لنعطي دفعًا وقوة واقتدارًا لمسيرة شعبنا المظفرة عبر وحدة رائعة لكل قوى شعبنا وتنظيماته ومنظماته واتجاهاته داخل وخارج فلسطين المحتلة، تقوم على أساس من الرؤية الواضحة والثقة بالله ومعرفة بنقاط ضعف وقوة العدو، وتنطلق من روح مؤمنة واعية، وعلى فكر خلاق يبتكر في كل موقعة وفي كل معركة أساليب للنضال جديدة لمواجهة العدو وجبروته.

لقد شارك شعبنا نساءً ورجالًا في هذه الانتفاضة المباركة مستفيدًا من الخبرة النضالية لجماهيرنا قديمًا وحديثًا في هذه المواجهة الشاملة المستمرة التي تخوضها جماهير شعبنا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، والتي عبرت عنها في بياناتها وعرائضها ووثائقها الأخيرة؛ وحيث انبرى الجيل الصاعد من الفتيان والفتيات إلى مقدمة الصفوف يواجهون العدو بالصدور العارية الدبابات والمدرعات جنبًا إلى جنب مع عمالنا وتجارنا وفلاحينا وطلابنا ومثقفينا في كافة أرجاء وطننا المحتل في المخيمات والقرى والمدن؛ في المدارس والجامعات؛ في المساجد والكنائس؛ وحتى في المعتقلات والسجون.

نعم، لقد كانت ولاتزال وستبقى هذه الموجات في مواجهة هذا العدو الصهيوني وآلته الحربية يصنع فيها أطفالنا من حجارة بلادنا أسطورة التحدي تمامًا، كما يصنع أشبالنا في المخيمات ملحمة الصمود في لبنان والجنوب؛ واستطاعت جماهيرنا عبر هذه الانتفاضات وإرادة الصمود والتحدي على كافة الجبهات والمعارك أن تنتزع احترام العالم، وفرضت وجودها ووجود شعبنا وقضيتنا العادلة في كافة المجالات السياسية والدبلوماسية والإعلامية محليًا وعربيًا ودوليًا بما في ذلك ما تم في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والقرارات الهامة التي تم إقرارها هناك؛ رغم المحاولات الصهيونية لتغييب قضيتنا عن الرأي العالم العالمي ورغم ضخامة حليفه الاستراتيجي الأمريكي الذي يقف معه ويدعمه دعمًا غير محدود وبكل الإمكانات.

وإن هذه الانتفاضة المباركة تتصاعد اليوم وتتجذر لصنع حقائق جديدة على أرض فلسطين، وتشق الطريق نحو الحرية والقضاء على الاحتلال الصهيوني البغيض، ولتحقيق السلام العادل الذي يتجسد في عودة شعبنا إلى أرضه وإقامة دولته الحرة المستقلة فوق ترابنا الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف.

وإن المجلس المركزي، إذ يرحب بمواقف الحكومات العربية في مجملها، يقدر باعتزاز وقفة الجماهير العربية، في كافة أنحاء الوطن العربي، لاحتضانها انتفاضة شعبنا المباركة والتفاعل معها ودعمها والتي عبرت عن مدى ارتباط أمتنا العربية بقضية فلسطين قضية العرب المركزية.

وإن المجلس المركزي ليدعو كل الشرفاء والأحرار والأصدقاء في العالم للقيام بما يمكننا جميعًا من رفد هذه الانتفاضة الثورية بجميع متطلباتها، خاصة في مواجهة الدعم غير المحدود الذي يتلقاه عدونا الصهيوني العنصري من الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم لهذا العدو كافة أنواع الدعم العسكري والمالي والسياسي والدبلوماسي وأحدث أدوات القتل والدمار والحرب.

وإن كان الرأي العام الأمريكي والعالمي قد شكل ضغطًا دفع بالحكومة الأمريكية إلى اتخاذ مواقف جديدة في مجلس الأمن؛ وعسى ألا تكون وقتية في ظل صور آلاف المعتقلين ومئات الجرحى والشهداء والصور الوحشية، وللجرائم التي ضد الانسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد شعبنا وأطفالنا ونسائنا وبنفس الطريقة ومتنافسة فيها مع توأمها (نظام بريتوريا العنصري الفاشي) ضد شعب جنوب إفريقيا وناميبيا.

وإن المجلس المركزي ليتوجه في هذه الآونة الخطيرة والمصيرية إلى جميع القوى الديمقراطية وقوى السلام الإسرائيلية لتقوم بدورها الفعال كما عودتنا دائما في مواجهة سياسة القبضة الحديدية العنصرية الفاشية وحتى نتمكن سويًا من إقامة السلام العادل على أرض السلام.

لقد اتخذ المجلس المركزي مجموعة من القرارات والإجراءات والتحركات لاستمرارية موجات الانتفاضة وحمايتها، وفي مقدمتها توفير كافة متطلبات شعبنا الضرورية.

وقد أكد المجلس القرارات والإجراءات التي اتخذتها القيادة الفلسطينية لتجسيد كافة الأطر والقوى الثورية في ظل الأولويات الجديدة التي تفرضها الوقائع الحالية؛ وإن نقلة البداية تكمن في مزيد من التفاعل والعطاء لكل كوادرنا الفلسطينية، يتمثل بمزيد من البذل والعطاء، لتوفير الإمكانات وتعزيز قدرات صمود شعبنا وتحمل أعباء الموجات المتعاقبة.

إننا نرى في هذه المواجهة الشاملة داخل وخارج أرضنا المحتلة طريق الجيل العادل على طريق النصر والتحرير والعودة والاستقلال.

وانطلاقا من ذلك، فإننا ندعو إلى سرعة عقد المؤتمر الدولي الفعال، تحت رعاية الامم المتحدة وبمشاركة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وجميع أطراف الصراع في المنطقة، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) على قدم المساواة مع الأطراف الأخرى؛ وذلك لتحقيق الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وعلى أساس الشرعية الدولية، ووفقًا لقرارات القمم العربية، وخاصة القمة العربية في فاس عام 1982م.

يا جماهيرنا الصامدة البطلة،

لقد اتخذ المجلس المركزي عدة إجراءات وقرارات لمواجهة التطورات المتسارعة والمتطلبات اللازمة لهذه الانتفاضة المباركة:

1- تشكيل لجنة عليا بجانب اللجنة التنفيذية لمتابعة جميع شؤون الانتفاضة وتطوراتها من رئاسة المجلس الوطني وأمانة سر المجلس المركزي ولجنة شؤون الوطن المحتل وممثلي المجلس المركزي الأعلى، واعتبارها في حالة انعقاد دائم وانبثاق لجنة عمل يومية عنها.

2- دعوة رجال الأعمال الفلسطينيين للقيام بما يجب عليهم نحو شعبهم، وانتفاضة جماهيرنا من مساندة مادية ومعنوية تسهم في تأمين احتياجات صمود شعبنا ونضاله.

3- الموافقة على قرار اللجنة التنفيذية الخاص بميزانية استثنائية؛ والطلب إليها اتخاذ جميع الوسائل لتأسيسها ولتوفير الاحتياجات والمتطلبات والالتزامات لمواصلة موجات الانتفاضة المباركة.

4- مطالبة جميع المؤسسات والأجهزة والمنظمات والتنظيمات الفلسطينية للاستمرار في خططها وجهودها من أجل تعزيز الانتفاضة المباركة على مختلف الأصعدة والمجالات واستمرار الاتصال والتحرك مع جميع المؤسسات العربية والدولية في هذا الاتجاه.

5- تستمر اللجان المختصة لممارسة مهامها اليومية بما يتعلق بالانتفاضة وتطوراتها على كافة الصعد والمجالات.

6- تعزيز اللجان الشعبية ولجان العمل الوطني في جميع مواقع المواجهة في فلسطين المحتلة وفي المخيمات والقرى والمدن والجامعات والمعاهد والمدارس والمؤسسات والهيئات الشعبية وغيرها من مواقع النضال الجماهيري الأخرى.

7- الطلب من اللجنة التنفيذية فتح صندوق خاص للتبرعات التي تخصص لمواصلة الموجات الانتفاضة المباركة.

8- دعوة الجماهير العربية وقواها الوطنية لتشكيل لجان شعبية لدعم ومساندة هذه الانتفاضة المباركة.

9- المطالبة بالحماية الدولية الفورية لحماية جماهير شعبنا وأطفالنا ونسائنا والعمل الفوري لتنفيذ ذلك وصولًا لإنهاء الاحتلال.

10- التأكيد على الدول العربية الشقيقة الوقوف بحزم لإفشال اجراءات الإبعاد والطرد وسياسة القبضة الحديدية التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي؛ وكذلك بذل الجهود مع جميع الدول الصديقة للمساهمة في إيقاف هذه الجرائم.

وإن المجلس المركزي ليحيِّي، وهو يجتمع على أرض العراق الشقيق الأبي، الشعب العراقي وجيشه الباسل بقيادة الفارس العربي صدام حسين، الذي يدافع عن البوابة الشرقية لأمتنا العربية، ويشكره على مبادرته المبكرة والنبيلة باحتضان شهداء الانتفاضة ومعاملتهم؛ أسوة بأخوتهم شهداء الجيش العراقي الباسل.

كما يشكر الحكومات العربية التي اتخذت قرارات الدعم والمساندة لهذه الانتفاضة المباركة.

بهذا الخصوص، إلى جميع الشعوب الصديقة التي وقفت مع نضال شعبنا وانتفاضته المباركة، وخاصة الأصدقاء في دول عدم الانحياز والدول الإسلامية والدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية والدول الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي.

كما يوجه شكره للدول الاوروبية الصديقة والدول الصديقة الأخرى إلى جميع القوى والمنظمات والأحزاب الصديقة في العالم، التي وقفت وتقف مع نضال شعبنا العادل وحقه المشروع في الحياة مثل باقي الشعوب حراً سيدًا فوق أرضه المستقلة.

وإن المجلس المركزي، إذ يتوجه الى جميع شعبنا داخل وخارج الوطن المحتل، فإنه يؤكد الإصرار على متابعة المسيرة المظفرة لشعبه على الطريق إلى فلسطين الحرة المستقلة بعونه تعالى؛ ويعاهد أرواح الشهداء أن يستمر في الدرب الثوري حتى التحرير والنصر؛ ويحيِّي أبطالنا في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي.

بسم الله الرحمن الرحيم

((ربنا أفرغ علينا صبرًا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين)). صدق الله العظيم.

وإنها لثورة حتى النصر.