2024-04-20 الساعة: 06:04:46 (بتوقيت القدس الشريف)

الدورة الثالثة دورة الوحدة الوطنية وصمود المخيمات

عقد المجلس المركزي الفلسطيني دورته الثانية تحت اسم "دورة الوحدة الوطنية وصمود المخيمات" في تونس بتاريخ 5/10/1987م.

وقد افتتح الدورة سماحة الشيخ عبد الحميد السائح؛ وقد حضر هذه الدورة (89) عضوًا من أصل (93) عضواً؛ وبذلك فقد كان الحضور يزيد عن نسبة (51%) من مجموع الأعضاء (وهو النصاب القانوني)، وفي نهاية أعمال الدورة، أصدر المجلس المركزي بيانه الختامي الآتي:

بعون الله وتوفيقه وفي رحاب تونس الشقيقه المضيافه في الفترة الواقعة بين 5-7 تشرين الأول / اكتوبر 1987 عقد المجلس المركزي برئاسة الشيخ عبد الحميد السائح (رئيس المجلس الوطني الفلسطيني) وحضور الأخ ياسر عرفات (رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية) (القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية)- دورة اجتماعاته الأولى بعد الدورة الثامنة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني؛ دورة الوحدة الوطنية، وصمود المخيمات وصمود أهلنا في الأرض المحتلة. وقد جسدت اجتماعات المجلس المركزي الوحدة الوطنية التي ترسخت وتعززت بالتلاحم وبالالتفاف الوطني الشامل حول منظمة التحرير الفلسطينية.

سجل المجلس المركزي، في بداية دورة اجتماعاته الأولى، اعتزازه تقديره العميق باسم جماهير شعبنا، للقوى والقيادات والجماهير الفلسطينية الصامدة في المخيمات وفي الأرض المحتلة التي كافحت وناضلت وصمدت وقادت بنجاح الحوار الوطني، وصولًا إلى الدورة 18 للمجلس الوطني دورة الوحدة الوطنية، التي شكلت منعطفا حاسما في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة.

لقد جاءت أولى دورات اجتماعات المجلس المركزي في تشكيله الجديد مناسبة وطنية وحدوية لتلاقي وتفاعل القوى والفصائل والشخصيات الوطنية الفلسطينية المناضلة في جو ديمقراطي، يعكس النضج السياسي العميق وروح المسؤولية العالية والالتزام الوطني؛ ما مكن المجلس المركزي من القيام بدراسة معمقة ومسؤولة لأوضاع منظمة التحرير الفلسطينية على المستويات السياسية والعسكرية والتنظيمية، وإجراء مسح شامل لأوضاع الشعب الفلسطيني المرابط داخل الأرض المحتلة، وفي ذلك المخيمات الفلسطينية الصامدة في لبنان، وفي البلدان العربية المضيفة؛ وكذلك استمع المجلس المركزي إلى التقرير السياسي الشامل الذي قدمه الأخ ياسر عرفات (رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية) (القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية) والذي تناول فيه، بالتحليل والشرح، الأوضاع الفلسطينية منذ الدورة الثامنة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني والتي جسدت إصرار شعبنا على مواصلة نضاله ومواجهة التحديات، وتمسكه بوحدة منظمة التحرير الفلسطينية على طريق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وفي ضوء هذا التقرير، ومداخلات أعضاء المجلس ومناقشاتهم يعلن المجلس المركزي ما يأتي:

أولا: الوطن المحتل:

استعرض المجلس المركزي الممارسات الصهيونية العنصرية التي تستهدف شعبنا، من قمع وإرهاب وإبعاد واعتقال ومصادرة الأراضي ونسف البيوت وسرقة المياه وإقامة المستوطنات وتهويد المقدسات؛ ووقف المجلس أمام دعوات الصهاينة والمستوطنين إلى طرد شعبنا من أرضه ومن وطنه.

كما درس المجلس المركزي المخططات الصهيونية التي يواصل العدو فرضها على جماهيرنا في إطار مؤامرة التقاسم الوظيفي، بهدف خلق البدائل المصطنعة.  ودعا المجلس المركزي الهيئات الدولية الى تحمل مسؤولياتها في إنهاء الاحتلال وممارساته المخالفة للقانون الدولي ولأبسط حقوق الإنسان التي نصت عليها شرعة الأمم المتحدة.

وأكد المجلس المركزي ضرورة وضع برنامج شامل لمواجهة هذه السياسة الصهيونية، وطرح هذا الموضوع الخطير على أإجندة القمة العربية القادمة والمؤسسات والمنظمات الدولية.  وعبر المجلس المركزي عن إكباره وتقديره للصمود الوطني المتواصل في وجه مخططات العدو الإسرائيلي؛ وحيّا الانتفاضة الوطنية المستمرة لجماهير شعبنا؛ وحيّا صمود أبطالنا في سجون الاحتلال.

ودعا المجلس المركزي إلى وضع الخطط العملية الكفيلة بدعم صمود شعبنا، وتعزيز وحدة مؤسساته ومنظماته الجماهيرية، وتعميق التفاعل الحي في الداخل.

ثانيا: المخيمات الفلسطينية في لبنان:

توقف المجلس المركزي طويلًا عند الواقع المؤلم غير الإنساني الذي تعيشه المخيمات الفلسطينية الصامدة في مواجهة العدوان والحصار المفروض عليها منذ ثلاث سنوات؛ وطالب المجلس الهيئات الإنسانية العربية والدولية بتكثيف جهودها لوقف العدوان ورفع الحصار على الفور؛ لتمكين أبناء شعبنا المحاصرين من ترميم منازلهم ومستشفياتهم ومدارسهم المعطلة، والعيش في ظل حياة حرة كريمة.

وتوقف المجلس عند الاتفاق الموقع في صيدا يوم 11/9/1987م، لعودة العلاقات الطبيعية بين المخيمات ومحيطها.

وقد أكد المجلس ضرورة تنفيذ هذا الاتفاق في أولوياته المقررة، الذي تعتبره نقطة انطلاق جديدة في العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، ولطيِّ صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة تقوم على الأخوة والمحبة، وتوجيه كل الطاقات وكل البنادق من أجل دحر الاحتلال الصهيوني في جنوب لبنان.

وفي هذا الإطار، قدر المجلس عاليًا قرار اللجنة التنفيذية تشكيل قيادة العمل الوطني الفلسطيني في لبنان، والتي تضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية؛ وكذلك تشكيل قيادة العمل العسكري.  واعتبر المجلس تشكيل هاتين القيادتين تعبيرًا حيًا عن صلابة وقوة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي جسدتها الدورة 18 للمجلس الوطني.

ثالثا: الوضع السياسي العام:

أ – القمة العربية الطارئة في عمان:

رحب المجلس المركزي بالقرار الذي أصدره وزراء الخارجية العرب بالدعوة إلى عقد القمة العربية في عمان في تشرين الثاني القادم، واعتبر هذا القرار تعبيرًا عن ضرورة قومية ملحة؛ بعد أن عانت أمتنا ما عانته من استمرار التمزق والصراعات الثانوية، في وقت تشتد فيه الهجمة الإمبريالية والصهيونية لضرب مواقع الصمود في أمتنا واحدا تلو الآخر.

وأكد المجلس المركزي أن عودة التضامن العربي هي من أولويات العمل القومي، وأن التدهور الحاصل في الوضع العربي الراهن يستدعي إعادة تأكيد وترسيخ المواقف القومية التي عبرت عنها القمم العربية المتلاحقة تجاه القضية الفلسطينية؛ تعبيرًا عن الالتزام القومي الثابت تجاه الشعب الفلسطيني ومنظمته وحقوقه الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.  ودعا المجلس اللجنة التنفيذية لتكثيف جهوده لتحقيق ذلك.

ب- الحرب العراقية – الإيرانية:

تابع المجلس المركزي بقلق التدهور الخطير الحاصل في منطقة الخليج من جراء استمرار الحرب العراقية الإيرانية، واستمرار حشد الأساطيل الأمريكية؛ ولذا يدعو إيران إلى القبول بوقف الحرب فورًا، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 598؛ وإعلان استعدادها لحل الخلاف بين البلدين بالطرق السلمية؛ كي يسود الوئام والسلام، خاصة بعد أن اعلن العراق قبوله لجميع مبادرات السلام، بما فيها القرار الدولي؛ لأن استمرار هذه الحرب لا يخدم غير مصالح القوى الاستعمارية والإمبريالية والصهيونية، ويلحق أفدح الأضرار بالقضية الفلسطينية.

ج- المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط:

درس المجلس المركزي بإمعان وتعمق المشاريع والمقترحات والقرارات الدولية من أجل عقد مؤتمر دولي للسلام، ودعا اللجنة التنفيذية إلى تكثيف جهودها واتصالاتها من أجل عقد هذا المؤتمر ذي الصلاحيات الكاملة الذي أيدت عقده الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقمة عدم الانحياز، والقمة الإسلامية، والقمة الإفريقية والقمة العربية، والبلدان الاشتراكية، ودول السوق الأوروبية، وسائر الدول الصديقة.

وأكد المجلس ضرورة العمل العربي الموحد لدعم صيغة عقد المؤتمر الدولي الفعال برعاية الأمم المتحدة، والذي تشارك فيه الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وجميع أطراف الصراع، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية، على قدم المساواة مع الأطراف الأخرى؛ وذلك من أجل تحقيق الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، بما فيها حق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فوق تراب الوطن الفلسطيني وعاصمتها القدس.  ورفض المجلس المحاولات الإسرائيلية والأمريكية لتفريغ المؤتمر الدولي من محتواه وتحويله إلى مظلة للصفقات المنفردة.

رابعا: علاقات المنظمة العربية والدولية:

اطلع المجلس المركزي على الجهود الصادقة التي بذلتها اللجنة التنفيذية للمنظمة لتنفيذ المجلس الوطني الخاصة بتعزيز علاقات المنظمة بالدول العربية الشقيقة؛ وقد قدر المجلس هذه الجهود الخيرة لتحقيق التضامن العربي المعادي للامبريالية والصهيونية.

وقد أدان المجلس المركزي المواقف العدائية المتواصلة التي تقفها الإدارة الاميركية ضد منظمة التحرير الفلسطينية؛ والتي كان آخرها إغلاق مكتب الاعلام بواشنطن؛ واعتبر المجلس أن هذه السياسة الأمريكية العدائية إنما تصب في سلسلة المحاولات الفاشلة لحجب الحقيقة عن أنظار الرأي العام الأمريكي.

وقد حيا المجلس المواقف المبدئية التي تقفها البلدان الاشتراكية الصديقة ودول عدم الانحياز والدول الإسلامية والإفريقية والصديقة، وجميع حركات التحرر في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.  وقد وجه المجلس المركزي التهنئة والتحية لشعوب الاتحاد السوفياتي الصديق بمناسبة الاحتفالات بالذكرى السبعين لثورة أوكتوبر المجيدة.

وفي ختام دورة اجتماعاته وجه المجلس المركزي التحية الأخوية الصادقة للشقيقه تونس، رئيسًا وحكومة وشعبًا، على الضيافة الكريمة التي لقيها مجلسنا المركزي وهو يعقد دورة اجتماعاته في العاصمة التونسية.