2024-03-29 الساعة: 18:41:27 (بتوقيت القدس الشريف)

الدورة الأولى دورة عادية

عقد المجلس المركزي الفلسطيني دورة له في تونس خلال الفترة من 26-29 مايو/ أيار 1985م.  وقد افتتح الدورة في ظل الاعتداءات الوحشية على مخيمات شعبنا في صبرا وشاتيلا؛ وظل طيلة انعقاده على اتصال بأبناء شعبنا هناك؛ وفي نهاية اجتماعاته أصدر المجلس بياناً فيما يلي نصه:

بحث المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماعه المنعقد بمدينة تونس في يومي 6-7 من شهر رمضان المبارك عام 1405ه، الموافق 26-27 مايو 1985م، الاعتداءات الوحشية على مخيمات شعبنا في صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، التي يقوم بها بعض قادة حركة أمل ووحدات من الجيش اللبناني والوحدات السورية الخاصة.

ويسجل المجلس اعتزاز الشعب الفلسطيني والجماهير العربية والأحرار في العالم بالصمود البطولي والروح القتالية العالية التي تحلى بها أبناء شعبنا في المخيمات وخارجها، وهم وإخوانهم الوطنيون اللبنانيون والقوى الإسلامية اللبنانية؛ فسطروا بذلك صفحة من أنصع صفحات النضال في تاريخ شعبنا وأمتنا، وبددوا بوحدتهم الفلسطينية -اللبنانية القتالية الشامخة، أوهام أولئك الذين ظنوا أنهم نجحوا في تمزيق وحدة النضال الفلسطيني ووحدة النضال الفلسطيني اللبناني، وفي أضعاف التفاف شعبنا حول منظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني).  وفي الوقت ذاته فإن هذا الصمود البطولي هو الرد الحاسم والفعال على النظام السوري ومن يقف معه ممن يرفعون شعارات النضال والتحرير والوحدة؛ بينما يمارسون من خلال ذبح الفلسطينيين ونزع سلاحهم، سياسة التجزئة وفرض الكانتونات الطائفية والاستسلام للمخططات الأمريكية والصهيونية.

وهنا يحَيِّي المجلس المركزي، بإجلال وإكبار، جميع الشهداء الأبرار، الذين سقطوا أو يسقطون في لبنان وفي مخيماتناالفلسطينية الأخرى ضحايا للغدر والتآمر؛ دفاعا عن شرف نضال شعبنا وأمتنا؛ و يحَيِّي إصرارهم العنيد على مواجهة هذه الهجمة الشرسة التي تستهدف أبناء شعبنا في لبنان، وقضية فلسطين ومستقبل لبنان وشعبه، والأمة العربية بأسرها.

وإن المجلس المركزي ليعلن ما يلي لشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية :-

أولاً :  إن منظمة التحرير الفلسطينية من واجبها ومن حقها أن تدافع عن الوجود الفلسطيني في كل مكان، ومن واجبها ومن حقها أن تدافع عن كل فلسطيني وتحميه أينما وجد، وأنها ستستمر في ممارسة هذا الحق والنهوض بهذا الواجب بالوسائل التي تراها مناسبة؛ وبهذا الصدد فإن منظمة التحرير الفلسطينية تؤكد مسؤولية الجماهير العربية وأحزابها ومنظماتها وقياداتها ودولها، وفي المقدمة القوى الوطنية والإسلامية اللبنانية، في الدفاع عن الشعب الفلسطيني أيام المجزرة البشعة التي تتعرض لها المخيمات الفلسطينية في لبنان.

ثانيا : إن المجلس المركزي يؤكد حق منظمة التحرير الفلسطينية في تنظيم جماهيرها وتعبئتها، أينما وجدت، في مواجهة الاحتلال الصهيوني.

ثالثا : إن مفهوم المجلس المركزي للالتزام القومي الفعلي بالقضية الفلسطينية، هذا الالتزام الذي يعبر عنه بتمكين منظمة التحرير الفلسطينية من النهوض بواجباتها ومسؤولياتها نحو قضيتها وشعبها، وفي حماية أبناء الشعب الفلسطيني وتوفير الظروف الملائمة التي تمكنه من العيش بكرامة، ومن مواصلة نضاله، جنبًا إلى جنب، مع أخوته (أبناء الأمة العربية) في مواجهة الخطر الصهيوني الإمبريالي؛ ويعبر عنه أيضًا بالمواقف الجدية الفاعلة من قبل جميع القوى والدول العربية والقوى الصديقة؛ لقلب مخططات الأعداء وذيولهم في المنطقة العربية لصالح القضية القومية العربية وقضيتها المركزية، القضية الفلسطينية.

رابعاً : إن المخطط الحالي الذي يتعرض له شعبنا الفلسطيني واللبناني في لبنان، وينفذه النظام الطائفي السوري من خلال قواته الخاصة وبعض قيادات حركة أمل ووحدات من الجيش اللبناني- إنما هو استكمال للأهداف التي فشل العدو الصهيوني في تحقيقها في عدوانه عام 1982م؛ فالذي يريد أن يحرر الأرض العربية المحتلة لا ينتهج سياسة هدفها ضرب البندقية الفلسطينية، وإبعاد المقاتل الفلسطيني عن خطوط المواجهة مع العدو، وتقتيل أبناء الشعب الفلسطيني وتهجيره، ومحاولة تمزيق وحدته الوطنية.  والنظام الذي يسير في هذا المخطط، هو النظام الذي يسير في الحلول الاستسلامية، مهما كانت الشعارات المضللة التي يرفعها.

خامساً : إن المجلس المركزي يرفض رفضًا قاطعًا محاولة تهجير أبناء شعبنا من مناطق وجودهم، كما يرفض بحزم مؤامرة الفرز الطائفي السكاني لشعب لبنان؛ وستقاوم منظمة التحرير الفلسطينية هذه المحاولات بكل الوسائل؛ باعتبارها مؤامرة أمريكية صهيونية تورطت فيها بعض الأطراف العربية.

ويدعو المجلس الحكومات العربية والجماهير العربية للتصدي لهذه المؤامرة التي يتبناها النظام الطائفي السوري، ويحاول تنفيذها بالإبادة والإرهاب والأساليب الأخرى التي اتبعها العدو الصهيوني، واتفق عليها مع النظام السوري وحركة أمل من خلال ما تم الاتفاق عليه بين مورفي وحافظ أسد؛ بهدف تنفيذ مشروع توطيني جديد للفلسطينيين، مدمرا بذلك حقهم في العودة وتقرير المصير.

سادسا : إن المجلس المركزي ينبه مرة أخرى إلى خطر الصراع الطائفي على لبنان والوطن العربي كله، ويدين هذا النهج الذي يغذيه النظام الطائفي السوري، ويسعى إلى تنفيذه.

ويدعو المجلس المركزي الدول العربية والقوى الوطنية في جميع أرجاء الوطن العربي، وخاصة سوريا، إلى مقاومة هذا النهج بكل قوة حفاظًا على وجود الأمة العربية ووحدة الوطن العربي وحرية أبنائه.  ويشير المجلس إلى الدور الفعال الذي قامت به الثورة الفلسطينية في مقاومة المخطط الطائفي في لبنان.  وإن محاولة إخراجها من لبنان هو أحد جوانب تسهيل هذا المخطط.

سابعاً : يؤكد المجلس المركزي أن القوى الوطنية والاسلامية والتقدمية في لبنان لا يمكن أن تقبل بحل قضية لبنان على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته؛ انطلاقًا من وحدة النضال الذي عمده الشهداء اللبنانيون والفلسطينييون بدمائهم الزكية؛ ويؤكد المجلس المركزي حرص منظمة التحرير الفلسطينية على وحدة لبنان وحريته شعباً وأرضًا.

كما يؤكد حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم في مخيماتهم، وأن موضوع الأمن داخل المخيمات ينطلق من أن أمن الفلسطينيين وأمن اللبنانيين وحدة لا تتجزأ؛ مع حرص منظمة التحرير الفلسطينية على سيادة لبنان، خاصة وأن هذه المخيمات لا تزال المجازر تستهدف وجود أهلنا فيها وحقهم الطبيعي والإنساني في العيش بأمن وكرامة، بعيدًا عن أي تهديد عليهم أو تدخل منهم في الشؤون اللبنانية.

وإن المجلس المركزي ليحيّي أولئك الشرفاء في لبنان من جميع القوى الوطنية والاسلامية والتقدمية اللبنانية، وكل القوى المناضلة في وطننا العربي وخارجه، الذين يقفون إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة هذه الهجمة البربرية على مخيمات عانت من المجازر الصهيونية من قبل؛ ويؤكد لهم أن هذه المجازر لن تؤدي إلى تيئيس شعبنا الفلسطيني، ولا إلى استسلامه (كما يطمع النظام السوري)؛ ولن تزيد شعبنا وجماهيرنا إلا قوة واصرارًا وإيمانًا في مواجهة المؤامرة الصهيونية الأمريكية وعملائها في المنطقة.

إن التلاحم النضالي الوحدوي بين أبناء فلسطين، وبخاصة أهل الجنوب وأبناء الطائفة الشيعية، يعتبر قاعدة أساسية في العلاقة المستقبلية بين الفلسطينيين واللبنانيين؛ وقد تجلى هذا مؤخرا في معركة الدفاع عن المخيمات؛ حيث يقف المناضل الفلسطيني واللبناني في خندق واحد دفاعًا عنها.  وإن المناضلين الفلسطينيين ليذكرون باعتزاز وقفة العزة والبطولة اللبنانية الفلسطينية في أطول مواجهة عربية إسرائيلية إبان الغزو الصهيوني وحصار بيروت أثناء حرب الاستنزاف البطولية ضد فلول الجيش الإسرائيلي.

إن شعب فلسطين، بكل طوائفه الإسلامية والمسيحية، يبني علاقاته من منطلق قومي، وينظر إلى إخواننا الشيَعَة في لبنان نظرة إجلال وإكبار؛ باعتبارهم رفاق الجهاد والخندق الواحد؛ ويعتبران أن موقف بعض قيادات "أمل"، بعد غياب الإمام الصدر، لا يمثل موقف الشيعة وقياداتهم الوطنية الشريفة المناضلة.

ويتوجه المجلس المركزي إلى كافة الهيئات الدولية والإنسانية، وكل أحرار العالم، لنجدة الفلسطينيين في المخيمات؛ للمساهمة في إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، وتقديم العون الإنساني اللازم لإنقاذ الجرحى، ونقل صورة ما يجري إلى الرأي العالم العالمي.