2025-05-30 الساعة: 22:54:16 (بتوقيت القدس الشريف)

"العليا لشؤون الكنائس" وجامعة دار الكلمة تنظمان مؤتمراً دولياً في آرهوس لمناهضة الصهيونية المسيحية في الدول الإسكندنافية

الموقع الاخباري الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية

أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين الدكتور رمزي خوري أن ما يجري في غزة يتجاوز حدود اللغة والخيال، حيث يدفن الأطفال تحت الأنقاض، وتحرق البيوت فوق رؤوس ساكنيها، وتخنق الحياة تحت وطأة الجوع. جاء ذلك خلال المؤتمر الدولي، الذي عقدته اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، وجامعة دار الكلمة، لمدة يومين، بالتنسيق مع جامعة آرهوس في الدنمارك. وبتنسيق كل من السفيرة أميرة حنانيا والسفير مناويل حساسيان والدكتور متري الراهب.

شارك في المؤتمر عدد كبير من الأكاديميين ورجال الدين المسيحيين، الذين قدموا أوراقاً بحثية عرضت وناقشت في اليوم الأول ضمن جلسة مغلقة تناولت علم اللاهوت لمكافحة الفكر الصهيوني المسيحي العنصري المتطرف، بمشاركة من الدول الاسكندنافية: الدنمارك والنرويج وفنلندا والسويد.

ناقش المشاركون أبعاد الصهيونية المسيحية الفكرية والسياسية في الدول الإسكندنافية، بهدف إرساء قواعد للتعامل مع الأفكار المتطرفة التي غرست في المجتمعات الأوروبية الغربية، وسخرت النصوص التوراتية لصالحها، والتي تتناقض مع جوهر المسيحية السمحة.

افتتح المؤتمر جلسته العامة بكلمة للدكتور خوري، ونقل من خلالها تحيات الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، المسيحيين والمسلمين، الذين يرون في هذا اللقاء صوتاً ممتداً لكرامتهم ونافذة أمل في زمن الحصار.

وأشار خوري إلى أن المؤتمر، الذي جمع الحضور حول فلسطين لمناقشة اللاهوتية حول الصهيونية المسيحية والقومية العربية، يجب أن يقود إلى قول الحقيقة كاملة في مواجهة مشاريع سياسية تستمد سطوتها من تحالف خطير بين الاستعمار الحديث وقراءة دينية محرفة، تحول الإيمان إلى سلاح يشهر في وجه الضحية، كونها تيار أيديولوجي مسيس يستند إلى تفسيرات دينية تمنح الاحتلال غطاءً لاهوتياً وتقصي الآخر باسم الله. كما طالب الكنائس في الغرب بالعودة إلى الواجب الأخلاقي لرفع الصوت والعودة إلى جوهر رسالتها الإنسانية المقرونة بالرحمة وقول الحق، لأن الصمت هو تواطؤ ومشاركة بالجريمة.

وأكد رفضه للظلم وإدانته لاستغلال الدين لتبرير القمع والتخاذل، محياً المواقف التي أعادت الضمير الإنساني كعلامة أخلاقية تذكر بأن العدالة لا تزال ممكنة، وأن السياسة قد تتحرر من أسر المصلحة إلى أفق الضمير، كما فعلت مملكة السويد التي كانت من أوائل الدول التي اعترفت بفلسطين، تبعتها النرويج حتى بلغ عدد الدول التي اعترفت بفلسطين 149 دولة.
وناشد الكنائس مراجعة قراءتها للنصوص المقدسة بعيداً عن التحولات السياسية، وأن تتموضع مجدداً إلى جانب الشعوب المقهورة لا إلى جانب النفوذ والمال في ظل تشريع القتل، لكي يصبح الموقف اللاهوتي فعلاً مقاوماً لإنقاذ الإنسانية من الصمت الذي يشل الضمير.

في سياق متصل، تحدث سفير دولة فلسطين لدى مملكة الدنمارك مانويل حساسيان، عن طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مستعرضاً الحقائق التاريخية وانحياز أوروبا لإسرائيل بعيداً عن النزاهة لطرفي الصراع. وأشار إلى أن الأوروبيين سعوا للتخلص من “المعضلة اليهودية” في أوروبا عبر إرسال اليهود إلى فلسطين، وجعلوا هذا الإجراء قانونياً عبر عصبة الأمم ووعد بلفور، وأن البريطانيين، بصفتهم القوة المنتدبة على فلسطين، لعبوا دوراً أساسياً في تسهيل الاستيطان اليهودي.

وأضاف حساسيان أن الولايات المتحدة التي تتغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان لا تزال تدعم دولة الاحتلال في سلوك يتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان، مشدداً على أن منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بإسرائيل، بينما لم تعترف إسرائيل بكون الفلسطينيين السكان الأصليين، ولم تقدم تنازلات حقيقية لتحقيق دولة فلسطينية مستقلة.

من جانبها، تحدثت السفيرة أميرة حنانيا عن الوضع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني يقطن أرض المسيح ويعاني اليوم من أبشع الفظائع، مشيرة إلى حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة، وعمليات التطهير العرقي والفصل العنصري وعنف المستوطنين في الضفة والقدس.

وشددت حنانيا على أن القضية الفلسطينية لم تبدأ في أكتوبر 2023، بل منذ أكثر من 77 عاماً مع النكبة، مع تأسيس إسرائيل عبر ممارسات قسرية للتهجير والمجازر التي تستمر حتى اليوم. وأكدت أن المسيحيين الفلسطينيين، أتباع المسيح الأوائل، يتعرضون لتهديد منهجي أدى إلى تناقص أعدادهم حتى وصلوا إلى أقل من 1%، نتيجة سياسات عنصرية تهدف إلى إنهاء الوجود المسيحي الفلسطيني الأصيل، مع الإشارة إلى محاولة إسرائيل تصوير الصراع على أنه ديني.

بدوره، تحدث مسؤول شؤون القدس في الديوان الملكي في المملكة الأردنية الهاشمية د.وصفي الكيلاني، عن الانتهاكات اليومية الإسرائيلية للأماكن المقدسة، مشيراً إلى الوصاية الأردنية عليها، وقلقه من محاولات إسرائيل لخلق واقع جديد يتحدى هذه الوصاية، بما قد يؤدي إلى العبث في كنيسة القيامة، خاصة عبر اعتداءات المستوطنين على الأماكن المسيحية المقدسة.

وألقى رئيس جامعة دار الكلمة (بيت لحم) الدكتور متري الراهب، كلمة افتتاحية استعرض فيها موقف الحركة الصهيونية المسيحية وأبعادها السياسية والدينية واللاهوتية، مشدداً على أهمية خلق وعي أوروبي بين الكنائس حول خطورة هذه السياسات التي تستهدف السيطرة على المقدسات الدينية، خاصة كنيسة القيامة. وأكد أن ناقوس الخطر قد دق لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة هذه الحركة وخطورتها على الأماكن المقدسة.

خرج المؤتمر بعدة توصيات أهمها، ضرورة وضع استراتيجية للتحرك لمناهضة الصهيونية المسيحية في أوروبا وكافة أنحاء العالم، وترسيخ دور الكنائس والجامعات والمجتمعات المدنية في التصدي للفكر المتطرف الذي يستخدم الدين كغطاء للسياسات الاستعمارية. كذلك تعزيز التعاون بين الدول الإسكندنافية وغيرها من الدول الأوروبية لرفع الوعي حول مخاطر الصهيونية المسيحية، ودعم المبادرات الأكاديمية والدينية التي تهدف إلى كشف وتفنيد الخطابات التوراتية المحرفة، وتأكيد أهمية الوقوف إلى جانب الشعوب المظلومة. إضافة إلى ضرورة تشكيل وفد رفيع المستوى من مختلف كنائس العالم لزيارة تضامنية إلى فلسطين، للاطلاع عن كثب على الواقع الميداني، ودعم الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات التي يعيشها، وتعزيز التضامن الدولي على أساس القيم الإنسانية والمسيحية.