2025-06-21 الساعة: 21:13:46 (بتوقيت القدس الشريف)

كلمة رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في الجلسة الخاصة في ذكرى صك الانتداب المشؤومم

الموقع الاخباري الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية

يعقد المجلس الوطني الفلسطيني جلسته الاستثنائية الحالية بمناسبة مرور مائة عام على صك الانتداب البريطاني المشؤوم الذي صادقت عليه عصبة الأمم في 24 تموز / يوليو عام 1922.

لقد جاء صك الانتداب بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة وودر ولسون التي لم تكن عضواً في تلك العصبة، ولكنها كانت مع حليفتها الاستعمارية العظمى في ذلك التاريخ بريطانيا تشكلان الهيمنة الاستعمارية على مقدرات ومصائر الشعوب في القارات المختلفة.

فجاء صك الانتداب بثمانية وعشرون مادة جميعها بهدف تطبيق وعد بلفور سيء السمعة والصيت الذي أصدرته حكومة لويد جورج البريطانية عبر رسالة وزير خارجيتها اَرثر بلفور إلى الصهيوني اليهودي ليونيل روتشيلد رئيس الجالية اليهودية في بريطانيا. فالوعد المشؤوم الذي منحت فيه بريطانيا اليهود الحق بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين من أجل حل المسألة اليهودية ولخلق كيان غريب في منطقتنا يعمل على تجزئتها وتفتيتها، كيان وظيفي يقدم خدماته للدول الاستعمارية وللإمبريالية الصاعدة الجديدة بقيادة الولايات المتحدة آنذاك. وأنكر هذا الوعد الغادر حقوق الشعب الفلسطيني السياسية والقانونية والذي وصف شعبنا بأقليات (ونحن الأغلبية) لها حقوق مدنية ودينية، متجاهلاً حقنا التاريخي في وطننا وحاول طمس قوميتنا العربية، والأكثر تماديًا الاستخفاف بمصائر الشعوب وحقوقها ما تم تثبيته في مواد صك الانتداب البريطاني من قبل عصبة الأمم وبتأمر بين بريطانيا والولايات المتحدة والاستعمار الأوروبي. فصك الانتداب جاء فقط ليترجم وينفذ وعد بلفور بتفسيرات عديدة لم تذكر في الوعد الأصلي.

من هنا نلتقي اليوم في جلستنا الخاصة هذه لأعضاء المجلس الوطني، ليس من أجل الاستعراض التاريخي، بل يجب أن نخرج من الملطمة على مظلمتنا التاريخية التي حدثت قبل أكثر من مائة عام، والخروج من كل هزائمنا وكبواتنا وتراجعنا، والدخول فوراً بتوظيف الإنجازات التاريخية التي حققتها الثورة الفلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ووضعها

 

 موضع التنفيذ في إطار المهام الكفاحية التالية:

أولا: التأكيد على حقنا التاريخي في وطننا فلسطين، ورفض وعد بلفور وما جاء فيه، ورفض صك الانتداب بمواده الثمانية والعشرون جميعها، وتحميل عصبة الأمم ووريثها هيئة الأمم المتحدة المسؤولية التاريخية عن مأساة الشعب الفلسطيني واقتلاعه من أرضه ووطنه وإقامة دولة إسرائيل عليها، وتحميل مجلس الأمن والجمعية العامة، ليس فقط المسؤولية السياسية، بل الطلب اليها الشروع فوراً في تطبيق قراراتها سواء الصادرة عن الجمعية العامة 181 و 194، وجميع القرارات اللاحقة التي تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني وأهمها القرار 67/19 لعام 2012 المتعلق بالاعتراف بدولة فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة والانتقال إلى نيل العضوية الكاملة، لتجسيد حق تقرير المصير لشعبنا.

كما نطالب بتنفيذ قرارات مجلس الأمن 2334 لعام 2016 والقرارات السابقة كافة ومن أبرزها ما يتعلق بمدنية القدس القرارات 486 و487 لعام 1980.

ثانيًا: تحميل المملكة المتحدة (بريطانيا) المسؤولية السياسية والقانونية على المأساة الفلسطينية وإلحاق الأذى بالشعب الفلسطيني على مدار أكثر من مائة عام، ومطالبتها الاعتراف الفوري بدولة فلسطين وإعادة الأموال التي سرقتها من البنك المركزي الفلسطيني بفوائدها المتراكمة والمركبة منذ ذلك التاريخ والتي تفوق قيمتها اليوم الثلاثة تريليون دولار أمريكي حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على أرض بعاصمتها القدس. كما نطالب بريطانيا بجبر الضرر والتعويض المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني واعتبارها الدولة التي مارست الانتداب الظالم على الشعب الفلسطيني لأكثر من ثلاثين عاماً قتلت ودمرت ونهبت ومارست أسوأ أساليب الاستعمار ضد الشعب الفلسطيني وأنشأت دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية وأعطت ما لا تملك إلى من لا يستحق.

ثالثًا: الطلب إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها القانونية والسياسية كونها قيادة الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده الشروع فوراً في تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الثالثة والعشرون عام 2015 والتي أكد عليها المجلس المركزي في دورتين متتاليتين الدورة الثلاثون والدورة الحادي والثلاثون ورسخها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته (23) عام 2018 وجاء فيها:

1-         سحب الاعتراف بدولة إسرائيل.

2-         الغاء جميع الاتفاقيات مع حكومة إسرائيل وفي مقدمتها التنسيق الأمني وكذلك الانفكاك الاقتصادي.

3-         تعزيز الوحدة الوطنية ودعوة الكل الوطني الفلسطيني الانخراط في منظمة التحرير الفلسطينية باعتبار أن النظام السياسي الفلسطيني المعترف به فلسطينياً وعربياً ودولياً هو منظمة التحرير الفلسطينية بمؤسساتها كافة، المجلس الوطني البرلمان الذي يمثل الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده في الوطن والشتات وما ينبثق عنه من مكونات المجلس المركزي أو لجان المجلس، وكذلك اللجنة التنفيذية القيادة العليا السياسية للشعب الفلسطيني في كل مكان وهي راعية شؤونه السياسية وغيرها كافة.

والطلب إلى جميع القوى التي مازالت مترددة أو لديها رؤى حزبية خاصة أن تغادر مربع الانفصال وتراعي المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وتدخل في منظمة التحرير على أرضية ميثاق المنظمة ونظامها الأساسي وبرامجها السياسية التي أقرتها وبخاصة قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة عشر والمنعقدة في الجزائر دورة اعلان الاستقلال عام 1988.

رابعًا: أمام انسداد أفق المصالحة الوطنية وبعد فشل تطبيق الاتفاقيات السابقة يدعو المجلس الوطني الفلسطيني القوى السياسية الفلسطينية إلى حوار وطني جاد يستند إلى المرجعيات الوطنية واستقاء العبر من التجارب السابقة التي لم تنجح والعمل من أجل الخروج من حالة الانقسام لمواجهة التحديات الكبرى التي يجب أن تكون لها الأهمية على أي اعتبارات فئوية ضيقة.

وفي الختام..

إن المجلس الوطني الفلسطيني البرلمان الفلسطيني الشامل للكل الفلسطيني يدعو أبناء شعبنا في الوطن والشتات الوقوف صفًا واحداً  في مواجهة الاحتلال وتحمل المسؤولية الجماعية في الدفاع عن مصيرنا كشعب لنا الحق في الحرية والاستقلال وإقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس وحق العودة إلى وطننا السليب، ويدعو المجلس الوطني الكل الفلسطيني العمل على تنفيذ القرار 67/19 المقر من الجمعية العامة على أرض فلسطين والعمل على تجسيد الدولة المستقلة على أرض الواقع وتحويله إلى أمر واقع يحقق لنا الحلم الذي طال انتظاره.

يجب محاكمة صك الانتداب (وهنا أثمن عالياً قيام الأخ منيب المصري، عضو المجلس الوطني الفلسطيني بمحاكمة وعد بلفور)، فعلينا محاكمة صك الانتداب والطلب من الأمم المتحدة تقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني باعتبارها الوريث لعصبة الأمم، فوعد بلفور المشؤوم خطيئة بريطانية أمريكية مزدوجة وخطيئة عصبة الأمم خطيئة متعددة الأطراف بزعامة أمريكية بريطانية لأنها هي التي شرعنت الوعد عبر صك الانتداب البريطاني، لقد استوردت شعباً ومكنته لاحقاً من طرد الشعب الأصلي.

الأخوات والإخوة

الرفيقات والرفاق..

إن نضالنا الوطني لن يتوقف حتى تحقيق حقوق شعبنا الثابتة وغير القابلة للتصرف، وما المؤامرات والمخططات الدولية التي بدأت فصلها الأخير مطلع القرن العشرين، والتي أخذت شكلها القانوني بتفويض عصبة الأمم لبريطانيا العظمى وانتدابها على فلسطين، والتي مارست كل طريق ممكن لتمكين العصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين ووطنهم.

نحن هنا لأجل تفعيل اَداة قانونية جديدة في نظام عالمي يدعي أنه مختلف أساسه الكارثة والظلم التاريخي الواقع على فلسطين، أنتجه النظام الدولي السابق عبر عصبة الأمم، ويجب أن ينهيه النظام الدولي الحالي عبر الأمم المتحدة.

 

سوياً ويداً بيد     لأجل فلسطين حرة مستقلة،،

عشتم وعاشت فلسطين،،