2024-04-26 الساعة: 07:50:34 (بتوقيت القدس الشريف)

في اليوم العربي للمكتبات..اللجنة الوطنية: تأسيس المكتبة الوطنية رافد للهوية الثقافية الفلسطينية

الموقع الاخباري الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية

تحتفل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) والدول العربية الأعضاء في 10 آذار/ مارس من كل عام باليوم العربي للمكتبات، إدراكاً منها للحاجة إلى نشر التوعية والعلم والمعرفة من خلال ترسيخ أهمية الكتاب والمكتبة في حفظ الذاكرة والهوية والثقافية.
إن تاريخ المكتبات هو تاريخ لتطور الكتابة بدأه الإنسان بالنطق بالكلمات ثم مثّله برموز تعبيرية محفورة على الصخر أو الحجارة ثم مثلها على الخشب والصلصال والمعادن ثم انتقلت لتصبح مخطوط على ورق مثل ورق البردي أو الرق أو الجلد ثم مطبوعة على ورق مصنع ثم تطورت لتصبح ملفات إلكترونية، حيث نشأت المكتبات وتطورت من العصور القديمة فكان لها أثرها في كل فترة ومن أشهر المكتبات في العصر القديم مكتبة نينوى 668 – 626 ق.م وضمت المكتبة العديد من الألواح الطينية وأوراق البردي التي حوت مواضيع مختلفة من العلوم والآداب والفنون والسحر والطقوس الدينية واللغة والطب واكتشاف مثل هذه المكتبات وغيرها في العصور القديمة دليل على اهتمام الإنسان بالقراءة والكتاب منذ القدم.
وتشير الدراسات والإحصائيات التي أُجريت لقياس معدلات القراءة في العالم العربي أن مستوى القراءة في العالم العربي منخفض جداً، وبحسب إحصائيات "الألكسو" فإن العالم العربي يصدر كتابين مقابل كل مئة كتاب يصدر في دول أوروبا الغربية وقدر عدد المدونات العربية حوالي 490 ألف مدونه وهي نسبة لا تتعدى 0.7 في المئة من مجموع المدونات في العالم.
ولا يفوتنا في هذا اليوم أن نستذكر عمليات الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 -1967 في نهب وسرقة عشرات الآلاف من الكتب والوثائق من المكتبات الفلسطينية والبيوت، وتدمير للمكتبات مثل مكتبة السكاكيني. إذا أن الاستهداف الإسرائيلي لفلسطين والفلسطينيين لم يستهدف الأرض فقط؛ بل استهدف الإنسان بكل مكوناته وفكره وتراثه؛ فالمكتبات مكون أساسي من مكونات فكر الإنسان الفلسطيني، وهي سجل يؤرخ للنكبة وجرائم الاحتلال المتواصلة.
وبعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، لعبت السلطات الإسرائيلية دوراً مدمراً للمكتبات الفلسطينية؛ تطبيقًا لسياسة التجهيل التي انتهجتها هذه السلطات تجاه الشعب الفلسطيني؛ فقد تمت مداهمة المكتبات بهدف البحث عن الكتب الممنوعة، وتمت أثناء ذلك مصادرة أعداد كبيرة من الكتب المحظور تداولها من قبل السلطات الإسرائيلية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن عدد الكتب الممنوعة التي صودرت بموجب الأوامر العسكرية قد بلغت حتى نهاية 1995، 6420 كتاباً في مختلف الموضوعات.
ومع إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 شهدت المكتبات نهضة ثقافية كبيرة؛ فقد أولت المكتبات بأنواعها المختلفة عناية خاصة، فانتشرت المكتبات الحكومية التابعة لمؤسسات السلطة، والمكتبات الأهلية التابعة لمؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى مكتبات المدارس والمكتبات العامة. كما ازداد الاهتمام بإقامة معارض الكتب التي لعبت دوراً هاماً في إغناء هذه المكتبات بالعديد من الكتب والدراسات التي كانت ممنوعة أيام الاحتلال والتي كانت تصادر بوصولها إلى المعابر.
ومع بداية عام 2000 وبدء انتفاضة الأقصى وبدء الاجتياح الإسرائيلي للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية؛ عادت يد السرقة والنهب والتدمير من جديد، لتحارب المكتبات الفلسطينية؛ لمعرفة الاحتلال مدى خطورة هذه المؤسسات على كيانه؛ فنهب مكتبة مؤسسة الحق في رام الله، ومكتبة المجلس التشريعي، ومكتبة بلدية رام الله، ومكتبة بلدية نابلس، والعديد من المؤسسات الثقافية الأخرى. وقد استهدف الاحتلال الإسرائيلي في حروبه المتوالية التي شنّها على قطاع غزة ( 2008 و2012 و2014 و2021) المكتبات والتي تحوي مئات الآلاف من الكتب والمراجع والمصادر لتجريد غزة من معالمها الثقافية.
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم في السادس من آذار/ مارس 2022 الإعلان عن الانطلاقة الفعلية لمشروع المكتبة الوطنية الفلسطينية، والتي أنشئت استناداً إلى المرسوم الصّادر عن الرّئيس محمود عباس أبو مازن، رئيس دولة فلسطين رقم (6) لسنة 2019، بتاريخ 5 حزيران/ يونيو 2019، القاضي بإنشاء المكتبة الوطنية الفلسطينية، لتمثّل المكتبة مخزن الذاكرة والبنك المركزي لثقافة الشعب الفلسطيني والقلعة الحصينة لحماية موروثنا الثقافي والإنساني والحضاري، واسترجاعه وعياً وإدراكاً وسلاحاً وجودياً الرواية الإسرائيلية الزائفة والمضلّلة.
وتهنئ اللجنة الوطنية الفلسطينية منظمة الألكسو والدول العربية بمناسبة اليوم العربي للمكتبات وتدعو بهذه المناسبة إلى تنشيط دور القراءة في المدارس والجامعات وكافة حقول العلم والمعرفة، كما تؤكد اللجنة الوطنية الفلسطينية على مواصلة العمل من أجل مواكبة وتوطين أفضل الممارسات والبرامج والمشاريع التي من شأنها الارتقاء بعمل ودور المكتبة الوطنية والمكتبات العامة في فلسطين.
وعلى الصعيد الفلسطيني إن قرار إنشاء المكتبة الوطنية والبدء بالخطوات الإجرائية والعملية التنفيذية يشكل رسالة مهمة للشعب الفلسطيني، لأنها تأكيد على حماية حقّه التاريخي والروائي والوثائقي، ووجود هذه المكتبة الوطنية له أهمية بالغة تتركز في جمع، وحفظ، ورصد التراث والإبداع الفلسطيني، سواء ما يصدر داخل فلسطين، أو خارجها، وهي مستودع للوثائق، وعنوان لجمع التراث والإبداع.
وتؤكد اللجنة الوطنية على استعدادها التام للعمل والتنسيق والتعاون مع هذا المشروع الوطني والقومي، على الصعيد الدولي والمنظمات المتخصصة من خلال توفير الدعم والاستشارات والخطط والبرامج والتأهيل ليأخذ هذا المشروع الوطني حيز التنفيذ في أقرب فرصة.