2024-04-26 الساعة: 16:24:05 (بتوقيت القدس الشريف)

الحــــــدود

إن ترسيم حدود متفق عليها أمر في غاية الأهمية للوصول إلى حل قائم على أساس الدولتين. منذ عام 1948 مر الموقف الفلسطيني حول الحدود في تحول كبير، كانت قد طالبت الحركة الوطنية الفلسطينية بحقها في إقامة الدولة الفلسطينية على أراضي فلسطين التاريخية كافة. لكن منذ عام 1988 وفي سبيل تحقيق سلام ينهي الصراع ارتضينا قيام دولتنا على 22 بالمائة فقط من أراضي فلسطين التاريخية وعاصمتها مدينة القدس الشرقية أي جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، مع الاعتراف بوجود دولة إسرائيل على 78 بالمائة من مساحة فلسطين. على الرغم من هذا التحول الجوهري في الموقف الفلسطيني، تستمر إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في محاولتها الرامية إلى إعادة ترسيم الحدود بين فلسطين المحتلة وإسرائيل بخطوات أحادية الجانب من خلال فرض «وقائع جديدة على الأرض» مثل بناء جدار الضم والتوسع، وتنفيذ المشاريع الاستيطانية، وكلاهما ينتهكان القانون الدولي.

حدود فلسطين: خلفية موجزة

تشمل جغرافية فلسطين التاريخية ما قبل العام 1948 الأراضي التي احتلتها اسرائيل في عام 1948 بالإضافة إلى كل من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. خضعت فلسطين التاريخية في العام 1922 للانتداب البريطاني على النحو الذي أقرّت به عصبة الأمم. وفي العام 1947، أوصت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين وكانت هذه التوصية ضد رغبات غالبية السكان. حيث خصصت خطة التقسيم 55 بالمائة من فلسطين لإقامة الدولة اليهودية. في وقت شكل فيه اليهود - ومعظمهم كانوا من المهاجرين الجدد - ثلث عدد السكان وامتلكوا أقل من 7 بالمائة من أرض فلسطين. بعد التصويت على تقسيم فلسطين بوقت قصير، شنّت المليشيات الصهيونية المسلحة حملات عسكرية لمصادرة المزيد من أراضي فلسطين التاريخية، واستولت على مساحات فاقت المساحات التي أوصت بها خطة التقسيم التي اقترحتها الجمعية العمومية، وبعد عدة أشهر من التوسع العسكري أعلنت القوات الصهيونية في 14 أيار/مايو عام 1948 إقامة دولة إسرائيل. بعد يوم من هذا الإعلان، قامت ستة جيوش عربية بحملة ضد إسرائيل في محاولة منها لصد التوسع الإسرائيلي داخل المناطق الفلسطينية المخصصة للدولة العربية. ولكن مع نهاية الحرب عام 1948، سيطرت إسرائيل على 78 بالمائة من أراضي فلسطين التاريخية.

في حرب حزيران/يونيو عام 1967، احتلت القوات العسكرية الإسرائيلية المساحة المتبقية من فلسطين التاريخية البالغة 22 بالمائة، والتي كانت تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. وبعد أسبوعين من انتهاء الحرب، قامت إسرائيل بتوسيع الحدود البلدية لمدينة القدس الشرقية بتمرير تشريع ينص على سريان القانون الإسرائيلي على  المنطقة التي قامت إسرائيل بتوسيعها وضمها فعلياً إليها. في الحال رفض المجتمع الدولي ضم إسرائيل لمناطق من القدس الشرقية بشكل غير قانوني، وأصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 242 في هذا الشأن. في غضون شهر واحد، بدأت إسرائيل ببناء المستوطنات غيرالشرعية داخل الأرض الفلسطينية المحتلة منتهكة بذلك القانون الدولي.

وحتى عام 2014، قامت سلطات الاحتلال بنقل أكثر من 600.000 مستوطن بشكل غير قانوني إلى دولة فلسطين المحتلة، حيث يقيم اليوم أكثر من 200.000 مستوطن بصورة غير شرعية في القدس المحتلة. 

إعادة ترسيم الحدود من جانب واحد - مرّة أخرى

في عام 2002 ، شرعت سلطات الاحتلال وبشكل غير قانوني في بناء جدار الضم والتوسع داخل  فلسطين المحتلة بهدف إعادة ترسيم الحدود السياسية لدولتنا المستقبلية. وضمت  فعلياً مناطق تقع في الجهة الغربية من الجدار، وحدت من وصولنا إليها في حين قامت بتسهيل وصول الإسرائيليين إلى تلك المناطق. 

أثار إعلان إسرائيل في شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2003 أن الأراضي الواقعة بين حدود عام 1967 وجدار الضم والتوسع شمال الضفة الغربية مناطق عسكرية مغلقة قلقاً شديداً. كما طلبت  سلطات الاحتلال من المواطنين الفلسطينيين الحصول على تصاريح منها ليستمروا في العيش على هذه الأراضي والوصول إليها.

حقائق أساسية

إن حدود عام 1967 التي تفصل بين إسرائيل و فلسطين المحتلة هي الحدود المعترف بها دولياً. وتحظى هذه الحدود باعتراف المجتمع الدولي ودعمه بموجب القانون الدولي الذي يمنع الاستيلاء على الأراضي بالقوة. لا يعترف المجتمع الدولي بالسيادة الإسرائيلية على أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس. ولا تملك إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، أي سند قانوني للسيطرة على الأرض التي احتلتها عام 1967.

القانون الدولي 

تطالب المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة 1945 «أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية الامتناع عن التهديد أو استخدام القوة ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة، أو على أي وجه آخر لا يتفق وغايات الأمم المتحدة. ويؤكد القرار رقم 242 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 1967 على «عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب» ويدعو إلى «انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من أراضي احتلتها في النزاع الأخير. كما أقرّت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر في 9 تموز/يوليو عام 2004 أن خط الهدنة عام 1949 يشكل الحدود  الشرعية للضفة الغربية وقطاع غزة، واعتبرت أن التوسع الإسرائيلي غير مشروع - بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية وبناء جدار الفصل - ويشكل انتهاكاً لالتزاماتها بوصفها قوة احتلال. إن جميع القرارات الصادرة من قبل مجلس الأمن، بما فيها القرارات 446، و452، و465، و471،و 476 تعتبر المستوطنات غير شرعية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. 

الموقف الفلسطيني

للتوصل إلى حل دائم يقوم على أساس الدولتين، لا بد من إيجاد حل متفق عليه للقضايا المرتبطة بالحدود، وتحتاج بعض هذه القضايا إلى بحث مستفيض في مفاوضات الحل النهائي. من هذه القضايا ما يلي:

* الحدود:

نؤمن أن حدود دولتنا هي حدود الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة كما كانت عليه عشية احتلال إسرائيل عام 1967.  ولا يتعارض موقفنا هذا مع القانون الدولي الذي يمنع إسرائيل من الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة.

* التواصل الإقليمي:

 إن التواصل الإقليمي بين الضفة الغربية وقطاع غزة موضوع حاسم يخص سلامة دولتنا، لأن من شأن التواصل أن يوفر حركة دائمة غير مقيّدة للأشخاص والسلع والمركبات بين الضفة والقطاع، كما من شأنه أن يسهّل نقل مصادر متعددة عبر الأرض الفلسطينية مثل: الغاز والمياه والكهرباء وغيرها. ومن الضروري الاتفاق على صيغة ترتبط بفتح ممر آمن، وإجراء ترتيبات نقل آمنة تسمح بحركة الأشخاص والسلع والمركبات ريثما يتحقق التواصل الإقليمي ويصبح فاعلاً. كما يجب أن تبقى ترتيبات الممر الآمن سارية المفعول وأن تحقق التواصل الإقليمي كوسيلة بديلة للربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة في حال تعطل التواصل الإقليمي.

* قضايا الحدود البحرية:

​ترتبط قضايا الحدود البحرية في المناطق الساحلية قبالة قطاع غزة والبحر الميت. وعليه يجب أن يتم ترسيم حدودنا البحرية بشكل عادل ليس مع إسرائيل فقط، بل أيضاً مع الدول المجاورة الواقعة على البحر مثل: مصر وقبرص والأردن. كما ويجب ضمان حقوقنا في المناطق الواقعة داخل الحدود، بما في ذلك المصادر الطبيعية فيها، ويجب منحنا كامل الحقوق البحرية بموجب القانون الدولي الذي يخوّل دولة ساحلية السيطرة على عدة مناطق بحرية، ولكل منطقة منها حقوقها ومسؤولياتها. وفي نهاية المطاف، سنحتاج إلى الاتفاق على كيفية إدارة المصادر المشتركة مع الدول المجاورة.