2024-03-29 الساعة: 00:03:29 (بتوقيت القدس الشريف)

حركة التحرير الوطني الفلسطيني / فتح

النشأة:

تعود جذور نشأة حركة "فتح" إلى أواخر العام 1957، حيث تم عقد لقاء ضم ستة أشخاص هم: ياسر عرفات، وخليل الوزير وعادل عبد الكريم، وعبد الله الدنان، ويوسف عميرة، وتوفيق شديد، واعتبر هذا اللقاء بمثابة اللقاء التأسيسي الأول لحركة "فتح'"، وصاغ المؤسسون ما سمي "هيكل البناء الثوري" و"بيان حركتنا"، وتبع ذلك انضمام أعضاء جدد منذ العام 1959 كان أبرزهم: صلاح خلف، وخالد الحسن، وعبد الفتاح حمود، وكمال عدوان، ومحمد يوسف النجار، وكمال عدوان، وعبد الفتاح إسماعيل، ومحمود عباس.

في العام 1959 ظهرت "فتح" من خلال منبرها الإعلامي الأول مجلة "فلسطيننا – نداء الحياة"، التي صدرت في بيروت منذ شهر تشرين ثاني/ نوفمبر، والتي أدارها توفيق خوري، وقامت مجلة "فلسطيننا" بمهمة التعريف بالحركة ونشر فكرها ما بين 1959 – 1964 واستقطبت من خلالها العديد من المجموعات التنظيمية الثورية الأخرى، فانضم للحركة خلال تلك الفترة كل من: ماجد أبو شرار، وأحمد قريع، وفاروق قدومي، وصخر حبش، ويحيى عاشور، وزكريا عبد الحميد، وسميح أبو كويك، وعباس زكي، وغيرهم الكثير إلى صفوف هذه الحركة الناشئة.

الانطلاقة:

قررت قيادة "فتح" الموسعة بدء الكفاح المسلح في 31/12/1964 باسم قوات "العاصفة" بالعملية الشهيرة، التي تم فيها تفجير شبكة مياه إسرائيلية تحت اسم عملية "نفق عيلبون"، ثم تواصلت عمليات حركة "فتح" وأخذت تتصاعد منذ العام 1965 مسببةً انزعاجاً شديداً للجيش الإسرائيلي. وصدر البيان السياسي الأول في 28/1/1965 مبيناً أن المخططات السياسية والعسكرية لحركة "فتح" لا تتعارض مع المخططات الرسمية الفلسطينية والعربية، وأكدت الحركة لاحقاً على ضرورة التعبئة العسكرية. وأعلنت الحركة عن انطلاقتها في الأول من كانون ثاني/ يناير من العام 1965، كيوم لتفجر الثورة الفلسطينية المعاصرة.

وقد شكل انطلاق حركة فتح بالكفاح المسلح، في يناير 1965، ولادة حقيقية لحركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة بعد النكبة، لتعيد معه "فتح" الاعتبار لهوية الشعب الفلسطيني وشخصيته الوطنية، وتلفت كل الأنظار إلى القضية الفلسطينية وعدالتها ومكانتها بين حركات التحرر في أرجاء العالم.

الفكر:

تستند حركة فتح في مبادئها على أن فلسطين أرض للفلسطينيين جميعاً، وهي أرض عربية يجب على كل أبناء العروبة المشاركة في تحريرها. وبلورت برنامجها النضالي الذي اهتم بتعبئة الشعب الفلسطيني بكل فئاته وطبقاته وأماكن تواجده، وتجنب الصراع الطبقي والفئوي والطائفي والإقليمي، وركز على العمل على استعادة الهوية الفلسطينية للأرض والشعب، وعلى أهمية ترسيخ استقلال الإرادة الفلسطينية، وتعظيم ارتباطها بالأمة العربية، واستقطاب دعمها وحمايتها، وبدأت فتح بعدها في الإعداد لانطلاق الكفاح المسلح من خلال قوات العاصفة.

الثوابت الاستراتيجية والسياسات المرحلية لحركة فتح:

انطلقت فتح كحركة للتحرر الوطني للشعب الفلسطيني، وثورة تستهدف تنوير الشعب الفلسطيني وتوحيده وتنظيمه وتحرير إرادته؛ لكي يأخذ زمام قضيته، فيدفعها من الجمود إلى الحركة؛ لإنهاء الاحتلال والاستيطان، وإعادة اللاجئين إلى وطنهم.

نأت الحركة في ثوابتها عن تبني فكر حزبي أحادي، باعتبارها حركة تحرر وطني تمثل الشعب بطوائفه وطبقاته وقطاعاته كافة، وفتحت الباب أمام تيارات سياسية وفكرية للانتماء إليها.

ويمكن تلخيص الأهداف المحددة في استراتيجية حركة فتح بما يلي:

أولاً: تحرير فلسطين وإنهاء الاستيطان وتحقيق الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني:

ويشمل ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وهو حق ثابت غير قابل للتصرف، لا يسقط بالتقادم، اعترف به وأكده المجتمع الدولي، وهو يشمل حقه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس على الأرض الفلسطينية المحررة، التي احتلتها إسرائيل بعد الرابع من يونيو 1967، وحق اللاجئين في العودة والتعويض، استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة، وقرار الجمعية العامة رقم 194.

ثانياً: أساليب النضال وأشكاله:

ينطلق النضال من حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وفي النضال ضد الاستيطان والطرد والترحيل، والتمييز العنصري، وهو حق تكفله الشرائع والقوانين الدولية.

ثالثاً: الشخصية الوطنية المستقلة والهوية الفلسطينية:

ارتكزت استراتيجية حركة فتح على الشعب الفلسطيني ونضاله، وأنه لا بديل له عن وطنه؛ ولذلك فقد بذلت الحركة جهودها في كل الميادين لتأكيد الشخصية الوطنية المستقلة، ولتثبيت الهوية الفلسطينية.

رابعاً: الوحدة الوطنية الفلسطينية:

الشعب الفلسطيني شعب واضح الهوية والانتماء إلى وطنه، ويناضل منذ ما يقارب القرن من الزمان؛ من أجل الحفاظ على وطنه وهويته الوطنية، وتحرير أرضه من الاحتلال والاستيطان. والشعب العربي الفلسطيني وحدة واحدة داخل الوطن، وفي الشتات.

خامساً: الانتماء العربي:

تنطلق حركة فتح من أن الشعب الفلسطيني شعب عربي، وجزء لا يتجزأ من الأمة العربية.

سادساً: الإسلام والأديان السماوية في استراتيجية فتح:

فلسطين هي الأرض المقدسة للأديان السماوية الثلاث، والإسلام هو دين الأغلبية من أبناء الشعب الفلسطيني، وللأديان السماوية الأخرى نفس القدسية والاحترام، ولا تسمح حركة فتح بأي تمييز بين الفلسطينيين على أساس دينهم وعقيدتهم أو مقدار إيمانهم، وتحترم حرية العبادة للجميع.

سابعاً: دور العلاقات الدولية في استراتيجية فتح:

تسعى الحركة دائما إلى تنمية علاقاتها الدولية وتطويرها، موسعة دائرة أصدقائها وحلفائها، ملتزمة استراتيجياً بالقانون الدولي، وبشرعة الأمم المتحدة، ملتزمةً بميثاقها. وتنطلق حركة فتح في علاقاتها الخارجية من كونها حركة تحرر وطني تكافح ضد الاحتلال الإسرائيلي، مستندة دائماً في حركتها الشعبية والرسمية إلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وحقه في الاستقلال والعودة، كما أنها تستند إلى الحماية التي كفلها القانون الدولي الإنساني، وبالأخص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب، وحماية المدنيين تحت الاحتلال الأجنبي، وإلى أحكام القانون الدولي، التي أكدت حق الشعوب في مقاومة الاحتلال، والحق في الكفاح من أجل حريتها واستقلالها وتقرير مصيرها.

"فتح" في القرن الواحد والعشرين:

تعرضت حركة "فتح" خلال مسيرتها الطويلة إلى العديد من التحديات، سواء كانت عمليات التصفية لقيادات في الحركة على يد المخابرات الإسرائيلية "الموساد"، أومواجهات مع دول عربية، أوانشقاقات داخلية، واستطاعت الحركة تجاوزها.

ومنذ مطلع القرن الواحد والعشرين واجهت حركة "فتح" العديد من التحديات الصعبة. فمع انطلاق انتفاضة الأقصى في العام 2000 شكلت العودة للنضال المسلح والعمليات الفدائية التي نفذتها مجموعات تابعة للحركة معادلةً صعبة أمام قيادة الحركة التي خاضت العملية السياسية والمفاوضات مع إسرائيل، منذ مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991؛وما تبع ذلك من اتفاقيات كان أبرزها اتفاق "أوسلو"، وما ترتب عليه من التزامات أمنية.

وشكلت وفاة زعيم الحركة ياسر عرفات نقطة تحوّل كبرى في مسيرة "فتح" والمسيرة الوطنية الفلسطينية بشكل عام؛ لما شكّله عرفات من حالة رمزية للشعب الفلسطيني. وبغياب "أبو عمار" -الذي توفي على الأرجح بمادة سامة استطاعت المخابرات الإسرائيلية إيصالها لداخل جسمه- تولى رئاسة الحركة محمود عباس "أبو مازن" وعمل على إجراء بعض الإصلاحات في مؤسسات الحركة.

إلا أن هزيمة "فتح" في الانتخابات التشريعية عام 2006 على يد منافستها الرئيسية "حماس" كانت من أقوى الصدمات التي تلقتها الحركة، ولم تلبث أن تستوعب "فتح" هذه الهزة حتى وقع انقلاب "حماس" وسيطرتها العسكرية على قطاع غزة في 2007. ونتيجةً لذلك تعالت الأصوات في صفوف حركة "فتح"، في مختلف مستوياتها بضرورة التجديد وعقد مؤتمر الحركة الذي غاب لسنوات طويلة، وتم عقد المؤتمر الحركي السادس بتاريخ 4/8/2008، ورأى البعض أن هذا المؤتمر شكّل انطلاقة جديدة لحركة فتح استعادت من خلالها عافيتها وفاعليتها، وحقق تجديداً لقيادتها ووحدتها. فيما اعتبر آخرون أن الحركة بحاجة للمزيد من الإصلاحات البنيوية، لاستعادة دورها القائد.

الرؤية و الرسالة